أخبار-ثقافة -فكر دينى – فنون – أثار
الإشارات فى كل مكان ..جملة اكتشفت أن الدنيا كلها تعرفها، حتى أننى سمعتها نصا فى أحد الأفلام الأجنبية والعجيب أن من كان يرددها يمكن ان نسميه مجذوبا، نعم الإشارات فى كل مكان، نفهمها بقدر ما تتيحه لنا قلوبنا وأرواحنا التى هى دون شك المستقبل الأول لفهمها وإدراكها، ونتعامى أو نعمى عنها بقدر ما تتحكم بنا أهواؤنا التى تأمل أن يتحقق لنا ما يخالفها، الإشارات قد تكون مادية أو روحية غير مبررة، راحة عميقة وانشراح صدر لأمر ما، أو رؤية منامية واضحة، أو حوادث وأحداث قاطعة الدلالة، كسلوكيات بسيطة قد تمر مرور الكرام، السلوكيات التافهة قد تكون قطعا صغيرة إذا تجاورت صنعت الصورة الكبرى، تشير إلى كارثة مستقبلية أو إلى العكس، ولأن قدر الله غالب، وإذا أراد ان يجرى أمرا سلب أصحاب العقول عقولهم، وسلب أصحاب البصائر بصائرهم، فإننا قد نستقبل الإشارات ونفهمها ونقرر العمل وفقا لما أشارت إليه، ومع ذلك تقع الكارثة، لأنه ببساطة لا راد لقضاء الله، لكن فرقا كبيرا بين العمل بجد لتجنب الكوارث والمصائب، وبين التكاسل والتخاذل والاستسلام، بين أن نسير فى طريقنا على يقين من أن الله لن يضيعنا، وأننا سنصل فى النهاية حتى وإن تعثرنا عشرات المرات، قد تكون الإشارات محبطة جدا، والنتائج التى نراها على أرض الواقع مخيفة، لكننا بدون ذلك اليقين ما عمرنا الأرض، وما انتصرت جيوش بعد هزائهما، وما فاز معاق بعبور المانش فى تحد جبار لكل عوامل الطبيعة والمنطق، نعم الإشارات حولنا، وعلينا أن نلتقطها، نفهمها، نضعها فى الاعتبار، ولا أقصد بطبيعة الحال التفاؤل والتشاؤم، فالمؤمن أبعد ما يكون عن ذلك، وهو بإيمانه القوى يثق أن الشدائد تمر، ولعل العلامات المادية كانت واضحة فى كل مامرت به وتمر به بلادنا، ولم يكن الموت الذى يترصد الأبناء هنا وهناك إلا حصادًا دلت عليه الإشارات قبل الوقائع الصريحة، ولعل أحدنا لا ينسى تلك الجملة التى ترن أحرفها فى أذنى، بأن كل ما يحدث فى سيناء سيتوقف بمجرد الإفراج عن مرسى، الإفراج عن ارهابيين وتجميعهم فى استاد القاهرة، هواتف الثريا ومكالمات الفارين من الإخوان لقناة الجزيرة، وغيرها من الأمور التى ربما أثارت وقتها عند البعض جدلا، وربما فهم البعض دلالاتها، لكن المعاناة مستمرة، وما أثق به أن أرواحنا لن تهزم، وأن إيماننا أقوى، وأن الف عبور بانتظارنا، لأننا بالفعل شعب لا تكسره المحن ولا يضعف إيمانه.