امرأة وثلاثة رجال ( قصة قصيرة) / سمية عبد المنعم

امرأة وثلاثة رجال ( قصة قصيرة) / سمية عبد المنعم

امرأة وثلاثة رجال ( قصة قصيرة) / سمية عبد المنعم

التعليقات على امرأة وثلاثة رجال ( قصة قصيرة) / سمية عبد المنعم مغلقة

نشر فى ٢:٣٢م

انتصف الليل وزئير الباب يعلن عن مجيئه ، تنصت عينان صغيرتان مشحوذتان نحو ذلك القادم ، انه الزائر المعتاد لليالٍ بعينها ، تسرع العينان بالانسحاب في خزي وتزداد الهمسات والضحكات المكتومة قبل أن تطويها احدى الغرف .
هو لا يذكر عدد السنين التي شهدت تردد ذلك الرجل على امه ،لكنه منذ بدأ تمييز الوجوه جيدا ؛ حفرت ملامحه في رأسه ، وربط بين غياب أبيه في عمله لأيام وظهور الاخر .
منذ تخطى الحادية عشرة وشيء بداخله ينبئه أن الأمر مخزٍ ، حاول أن يخفي نظرات الكره والشك تجاه أمه ، حاول ألا يشعرها بمعرفته سرها لكنها عرفت ، ذات يوم لمحته يختلس النظرات من وراء أحد الابواب ،هددته بالضرب اذا اخبر احدا وخاصة أباه ، لكنها ابدا لم ترتدع ولم يكف الاخر عن المجيء ، بينما خاف هو من تهديدها وراح يختلس النظرات بحرص اكبر، وشعور بالعار يملؤه وإحساس بالشفقة تجاه أبيه يغمره ، وإحساس أكبر بالعجز يتملك رجولته.
* * *
خائنة أنا ..ربما …لكن أحدا لا يعي ما بداخلي ، بل لا يشعر بي سواه ، هكذا كنت وهكذا صرت ،كنت فتاة مغلوبة على أمرها ، ليس من حقي ابداء الرأي فيمن تقدم للزواج بي ، وكيف ذلك وهو ابن عمي الذي كتب علي أن اصبح له منذ ولدت ، وهو …هو جاري وصديق ابن عمي لكن حبا ربط بين قلبينا منذ كنا صغارا وتمنينا أن يكلل بالزواج ، رغم علمنا باستحالته حاولنا ، وكان الرفض نصيبنا ، والتعجيل بزفافي لابن عمي نتيجة محتومة ، ورغم طيبة زوجي ورغم طفلي الا ان قلبي لم ينس الاخر، وظل هو الحلم المراود لملل حياتي ، حتي قابلته صدفة ذات يوم وكأن سنتين لم تمرا ، تواعدنا مرارا والتقينا كثيرا وكسرنا كل الحواجز بيننا ، حتي صار الأمر معتادا لإثنتى عشرة سنة كاملة …لكن ..زوجي بدأ يشك بي …بعد كل تلك السنين بدا الشك يداعبه ، فهل أترك الآخر ..مستحيل ..إذن ما الحل ..ما الحل ؟
* * *
هو صديقي …هكذا كان منذ سنوات ، قبل أن يخطف حبيبتي ويحرم قلبي من حلمه الوحيد ، فتحول حبه وسنوات طفولتنا وشبابنا الي رغبة تتملكني بالانتقام منه ، ساستعيدها ، سامتلكها رغما عنه ، ستكون لي. وحدي اعلم انه مخدوع وغبي ، ووحدي أهزأ به وانتصر لقلبي .
سيكتشف الأمر …هذا ما قالته لي ..فليكن ..لن أتركها مهما حدث ، حتي لو كانت حياته هي الثمن ..لن أتركها.
* * *
الليلة زفاف ابنة خالتي ، يفصلنا عن بلدتها مسافات زراعية شاسعة ، أصرت أمي علي أن نقطعها مشيا حتى نتنسم هواء الليل العليل .
يمسك أبي بكفي الصغير ويبتسم في ود هامسا “عقبالك” ..لا أدري لِم شعرت بحزن بعينيه وهو ينطق حروفها ، بل لِم أحسست بداخلي بأسي لا سبب له ، وفجأة قررت أن أخبره بسرها ..نعم سأفعل ، لا يستحق ان يخدع أكثر من ذلك وهو الزوج والأب الحنون …سأخبره بعدما نعود من زفاف ابنة خالتي..الليلة .
توقفت أمي عن السير هاتفة بنا ” سأربط حذائي ..توقفا”
وتوقفنا ..أدار كل منا ظهره للزراعات ونظرنا تجاه أمي وهي منهمكة في ربط الحذاء ، أحسست وكأن أصابعها ترتعد ..هل كانت حقا ترتعد ..
انتزعتني صرخة مكتومة ، نظرت الي مصدرها فاذا أحدهم وقد ظهر من بين الزراعات يهجم علي أبي من الخلف ويكيل له طعنات بسكين ، صرخت ، حاولت ان القي بنفسي نحوه ، لكن يدين شديدتين أمسكتا بي وأبعدتاني عن المشهد ، التفت فإذا بها أمي ، قاومتها وعدت لأصرخ ..ابي أبي ، كتمت أنفاسي بيد غليظة وسيطرت علي جسدي الضئيل ، اختنقت صرخاتي واختنقت الدموع بعيني وانا أري أبي يذبح امامي وتسحب جثته بين الزراعات .
ابتلعت قهرا يسكنني وسددت نظرات حاقدة تجاهها ..وتجاهه ..خرج من بين الزرع بعدما وارى جثة ابي ، نظر الي بقسوة ودماء ابي تقطر من بين اصابعه .
اتجه نحوي ولطمني بعنف وخرج صوته كالفحيح مهددا اياي بالقتل ان اخبرت احدا بما رأيت ، بينما هي تركتني بعد ان اطمأنت لصمتي واسرعت تجاه الجثة لتتأكد من موته ، خرجت بعدها ممسكة بحجابها بين يديها وقد اغرقته الدماء قائلة انها خنقته به لتؤكد وفاته .
في تلك الليلة لم اختلس النظرات عليهما ، اغلقت باب غرفتي جيدا وابتلعتني دموعي ، لكن احساس العجز تلك المرة غادرني ..نعم غادرني .
* * *
ثلاثة أيام مرت والبكاء لم ينقطع عن عينيها ، جميعهم يصدقون حزنها ووحدي اعرف الحقيقة .
احكمت قبضتي علي ذلك الكيس البلاستيكي وانا
أتجه بخطوات حاسمة نحو باب القسم ، دلفت إلى غرفة الضابط ووضعت أمامه ذلك الكيس ، وحذرته من أن يلمس ما به ، فان بصماتها عليه ودماء أبى تغرقه ، ثم رحت أقص عليه كل شيء.

https://www.facebook.com/noses1989/ العطر فى أنقى صورة.. أفضل ثبات وفوحان ..noses عـطور أونلاين ستغير فكرتك عن تركيب العطور.. تستحق التجربة
Related Posts

شادية .. صورة من ألبوم الشاعر سعيد شحاتة

التعليقات على شادية .. صورة من ألبوم الشاعر سعيد شحاتة مغلقة

قصة قصيرة “نظرة”

التعليقات على قصة قصيرة “نظرة” مغلقة

ميراث “قصة قصيرة” / هناء جودة

التعليقات على ميراث “قصة قصيرة” / هناء جودة مغلقة

براءة .. قصة لمحمد عبد الحكم

التعليقات على براءة .. قصة لمحمد عبد الحكم مغلقة

(إيشارب) أم هاشم // قصة قصيرة _ أشرف عكاشة

التعليقات على (إيشارب) أم هاشم // قصة قصيرة _ أشرف عكاشة مغلقة

حسين راضى يكتب // الحاج مسعود

التعليقات على حسين راضى يكتب // الحاج مسعود مغلقة

بطعم السكر وَ “قصة قصيرة ” لـ “نفيسة عبد الفتاح “

التعليقات على بطعم السكر وَ “قصة قصيرة ” لـ “نفيسة عبد الفتاح “ مغلقة

دموعك طفلتي.. قصيدة مهداة إلى عهد التميمي من: نادية كيلاني

التعليقات على دموعك طفلتي.. قصيدة مهداة إلى عهد التميمي من: نادية كيلاني مغلقة

غفوة // سمير المنزلاوى

التعليقات على غفوة // سمير المنزلاوى مغلقة

أمل (قصة قصيرة) لنفيسة عبد الفتاح

التعليقات على أمل (قصة قصيرة) لنفيسة عبد الفتاح مغلقة

“قصتان درب ” قصة لـ”أحمد أبو خنيجر “

التعليقات على “قصتان درب ” قصة لـ”أحمد أبو خنيجر “ مغلقة

Create Account



Log In Your Account