أخبار-ثقافة -فكر دينى – فنون – أثار
أحمد أبو خنيجر “نقلا عن الحياة” 2017-11-30 / 23:44:13 مساء
قالت: خطوتُك على الدرب غريبة. فوقفتُ في مكاني، وكنتُ لم أتجاوز الباب المفتوح بعد. كانت جالسة مسنودةً إلى الباب الموارب، وعصا غليظة ممدّدة في حجرها: الخالة أم صباح. هتفتُ في داخلي، وتبسمتُ لأذنها المشرعة حيث تجعل الطرحة بعيدة مِن أذنيها، قلتُ: إزيك يا خالة. قالت بالصوت نفسه: حسك مش غريب. قلت لأريحها وأنا أجلس بجوارها في الظل متقياً النار الموقدة في الشارع: أنا واد فُلانة. خبَطت صدرها برفق بيدها اليمنى، بينما اليد اليسرى تمتد بحثاً كي تمسك بطرف ثوبي: واد الحبيبة… الله يرحمها. وكان أن قبضت على طرف الجلباب وراحت تجره نحوها برفق، قالت: حتى أنت البعيد جابك الخبر.
وعرفت أنها تقصد الريس شق الريح، فهززت رأسي موافقاً، لكن من المؤكد أنها لم تر ذلك وإن أحسّت به، فأكملت: العلم عند الله. ثم وكمن تذكّر شيئاً بعيداً: كان طيب… يعدي عليّ من وقت للتاني، يرمي السلام ويطمن على الحال… وأنت جاي لخالتك؟ قلتُ: آه. محاولاً أن تكون حيادية قدر الإمكان، فخبرتي بالخالة أم صباح بعد أن أصابها العمى وصارت كل حواسها فى أذنيها، تجعلها حسّاسة جداً لوقع الكلام وطريقة نطقه. رميتُ بصري داخل البيت، بدا نظيفاً ومرتباً، الحوش مكنوس وفي قلبه سرير الجريد بلا الفرش في الظهيرة المتقدة هذه. الزير قريب منا ينز الماء عن جداره الخارجي، ولا أثر لدجاج أو حمام، مع أني أعرف أن حياتها قائمة على التكسب من تربيته وبيعه