أخبار-ثقافة -فكر دينى – فنون – أثار
نقلا عن الإتحاد الإماراتية
أحمد القاضي (القاهرة)
قبيل وأثناء شهر رمضان المبارك، تتزين الكثير من المحال التجارية والمطاعم، بنوع من القماش برسومات إسلامية وفنون فرعونية ومشاهد طبيعية، تسمى «الخيامية».. تجدها في البيوت معلقة أو على الطاولات وبين المفروشات، أو كسوة لفوانيس رمضان.. صناعة فريدة، لا تجدها إلا في شوارع القاهرة القديمة، أصبحت أحد طقوس وملامح الشهر الفضيل، ورغم أن صناعة «الخيامية»، تأخذ شكل الفنون الإسلامية، إلا أنها قديمة قدم التاريخ المصري، وكانت البداية منذ عصر الفراعنة، الذين رغبوا في رسم البهجة على جدران أكواخهم فبدأوا بإضافة الألوان إليها، وعندما ارتحلوا بالخيام، أضافوا الخيوط الملونة إليها، ومن هنا جاءت «الخيامية».
بداية الازدهار
ظلَّ هذا الفن ينمو لكن ببطء، حتى كان الفتح الإسلامي لمصر، وتحديداً في عهد الدولة الفاطمية، عندما بنيت الورش لتطوير هذا الفن العريق، فامتزج التاريخان معاً، الفرعوني، والإسلامي، وما زالت تصميمات الخيامية حتى اليوم تحوي نقوشاً فرعونية وإسلامية أو تضمهما معاً في تصميم واحد.
وبعد زمن من النهوض بهذه الحرفة اليدوية، أصبحت مصر مسؤولة عن كسوة الكعبة، التي صنعت وطرزت من قماش الخيامية، وكان لها إدارة خاصة بها، مقرها في شارع الخيامية بمنطقة الغورية بالقاهرة، وكانت تحمل اسم «إدارة الكسوة».
لجأت الخيامية إلى الورش الصغيرة في شارع يسمي باسمها بعد ذلك، فتتركز الآن فيه ويقع عند نهاية شارع الغورية بمنطقة باب زويلة، ومن هذه الورش تخرج آلاف التصميمات كل عام، تباع محلياً وبعضها يتم تصديره ويجد رواجاً بين السائحين كنوع من الهدايا التذكارية.
محمود ذكي، صاحب ورشة بشارع الخيامية يقول لـ «الاتحاد»: «ورثت هذه المهنة أباً عن جد، والخيامية هي فن نحت القماش على القماش، وتختلف من شخص لآخر، فلكل منا بصمته الخاصة، ولكل حرفي وجهة نظر تترجم في النهاية بنقوش على لوحته القماشية الفريدة».
يضيف: «تتنوع التصميمات بين الفرعوني، الإسلامي، الآيات القرآنية، والمناظر الطبيعية، ولكل منهما استخدامها، فتعلق الآيات القرآنية على الحوائط في المنازل، بينما باقي النقوش يمكن استخدامها كمفروشات على الأسرة أو كستائر معلقة».
الخيامية ورمضان
مع بداية رمضان ينشط سوق الخيامية، فالقماش يصبح فانوساً تارة، وهلالاً تارة أخرى، ويأتي أيضاً في شكل فروع الزينة التي تمتد بين المنازل، وتلجأ إليها السيدات لتغيير منزلها في رمضان، فتضيف قماش الخيامية إلى طاولة السفرة، فيضفي على منزلها أجواء الشهر الكريم.
وفي الأعوام القليلة الماضية ظهرت بعض الأشكال الجديدة التي ارتبطت بقدوم رمضان، مثل إقامة سرادقات لموائد الرحمن، وصناعة بعض الأشكال، مثل عربة الفول المصنوعة من الخيامية، وعرائس رمضان «بوجي وطمطم» الشهيرة، وهلال رمضان.
أما الجديد هذا العام، فهو مزج الطباعة بأقمشة الخيامية، والتي ظهرت في فانوس عليه صورة اللاعب المصري «محمد صلاح» مطبوع على قماش الخيامية.
ويتحدث «صلاح إبراهيم» صاحب ورشة للخيامية عن موسم عمله في رمضان: «ننتظر رمضان كل عام لأنه مصدر دخل لا بأس به، فصناعتنا من رموز رمضان، فيأتي إلينا الباحثون عن زينة للمنازل والشوارع، وأصحاب المحال الراغبين في تغيير واجهات محالهم، أما أكثر من يقدر هذه الصناعة هما السائحون الأجانب، حيث تبدو على وجوههم ملامح الانبهار أمام قطع الخيامية وفنونها».
يضيف إبراهيم: «الأسعار تختلف حسب كل قطعة فنية، وحسب الجهد الذي بذله الحرفي في صناعتها، فهناك قطعة بأربعين جنيهاً فقط «اثنان ونصف دولار» وقطعة أخرى ثمنها 4000 جنيه، والسبب في تحديد السعر هو الحرفي، فالخامات تمثل 15 في المئة من الثمن، والوقت الذي استغرقه الحرفي هو الذي يحدد السعر النهائي، فبعض القطع تستغرق صناعتها أسبوعاً كاملاً لتصبح جاهزة للبيع».