د.عزة بدر تكتب: مقامات الحب والحكمة..قراءة فى ديوان ” رجفة المقامات ” للشاعر محمد الشحات

د.عزة بدر تكتب: مقامات  الحب والحكمة..قراءة فى ديوان ” رجفة المقامات ” للشاعر محمد الشحات

د.عزة بدر تكتب: مقامات الحب والحكمة..قراءة فى ديوان ” رجفة المقامات ” للشاعر محمد الشحات

التعليقات على د.عزة بدر تكتب: مقامات الحب والحكمة..قراءة فى ديوان ” رجفة المقامات ” للشاعر محمد الشحات مغلقة

من زيتونة مالت على أعتاب بيته إلى نهر الحكمة كانت رحلته , ليصوِّر فى ديوانه رحلة الذات الشاعرة , وهى تفتش عن حكمتها , وخصوصيتها .
وبين الحاضر والذكرى تتشكل معالم هذا الديوان الجديد ” رجفة المقامات ” للشاعر محمد الشحات الذى بدأ رحلته الشعرية فى سبعينيات القرن الماضى , وجاء ديوانه الجديد ليصوِّر أزمة الإنسان المعاصر حين يبحث على أعتاب الحقيقة والخيال , عن ما يبقى , عن الحقيقى والزائف من الرحلة , يتأمل الصبا وأول الشباب , ورحيق المشيب , ليعطى لنا حكمته فى قصائد احتشد لها , فمنها ماعبَّر عن بهجته ومنها ما عبَّر عن أساه , فهو يفتح دفاتر الأب , والجد لعل الابن يأخذ بناصية الحكمة , وتكتمل على شفتيه الحروف , فما كان من أسئلته إلا أن زادت , وما كادت حيرته أن تنقضى حتى تتجدد , لتظل زيتونته المضيئة على عتباته من أجمل قصائد الديوان , ويقول فيها :
” زيتونة / مالت على أعتاب بيتى / فارتميت أشمها / وقعُ الخطى / هز انحناء فروعها / فتساقط الزيتون / قبل أوانه / لم أنتبه / لهشاشة نامت ببطن الأرض /
حين غرستها / فأردت أن أحنو على / أعوادها / وأشدها حتى تستقيم فروعها /
وينام فى حباتها زيت / يُضاء بنور خالقه / إذا ما مسته نار أو لم يُمس / فطاوعنى
وعاد لسابق عهدها / وأظل أهفو كى أشم ثمارها / زيتونة مالت على أعتاب بيتى ”
ويبحث الشاعر عن أيامه ولياليه , عن لحظات فرحه القصيرة , ويفتش فى دفاتر حيرته فإذ به يقف أمام مرآة الذات , يتأمل الظاهر والباطن فيها , هذه الملامح التى عايشته طويلا هل عبرت عنه ؟ , هل حملت دلائل صدقه ؟, أم خاتلته , وباعدت بينه وبين ما أراد أن يكونه ؟ , فيقول الشاعر فى قصيدته ” الجلوس خلف المرآة ” : ” كل يعرف خلف الآخر / وأنا لا أعرف خلفى / لكنى أعرف ضعفى / وأراه يُحلِّق فوق ملامح وجهى / فأحاول أن أنزعه / فيقاومنى / ويفر / كما ينسكب الماء بطيئا/ من قارورته / ويعاندنى / حين أحاول أن أتبع خطوته / لأرى / أين يخبىء ما فات من الأيام ؟ / ويظل يناوش كى أتعثر / لا أملك / إلا أن أجلس / خلف المرآة / أحاول أن أصلح وجهى ” .
وتبدأ رحلة البحث عن الذات السعيدة فى عالم الطفولة فهل وجد الشاعر ما كان به يحلم ؟
فى قصيدته ” البحث عن ملامحى ” يقول : ” ما زال وجهى مرهقا / فأطسه بإناء ماء / وغمسته / فى ليلة / فاضت بها الأنوار / ثم حملته / لينام بالغرف التى / حملت روائح جدتى / أمطرت وجهى / غير أنى / كلما حاولت / أن أخلو به / لا تستقيم ملامحى / قطْر / من الدمعات يهبط / حين تغمرنى فأطفو / فتردنى طفلا يقاوم ضعفه / ويظل يبحث / عن ملامحه التى تاهت هناك / فى دورة لا تنتهى ” .
ويمضى الشاعر متأملا حكمة أبيه , محاولا القبض على جوهرها , وكلما أحسست أنه اقترب منها , وربما أصبح قاب قوسين أو أدنى , وكأن الشاعر سر أبيه , يتساءل عن أسرار حكمته فيقول : ” كيف امتلك غرائزه / وتخلص من سطوتها / وكيف تناغمت الأضداد بداخله / كيف انتبه / لضيق عيون الوجه / فتلمس / أن يملك قلب بصيرته / وأدرك كونيته / فتخلص / من كل شوائبه / لا يتمنى أن يملك / من دنياه / إلا ما يجعله يكملها / كان يحس / بأن عيون أبيه / تراه فى غفوته / فارتبك / ولملم / ما أمكنه أن يأخذه / خاف أن يتحسسه / لينطلق / وحين استيقظ / لم يسأله / كيف يراه ؟ ” .
إلا أنه يكتشف حكمة أخرى , رؤية تخصه وحده , وهنا سر جمال القصيدة , المفارقة بين ما كان يبتغيه , وما وجده , فيقول فى قصيدته ” نهر الحكمة ” : ” حاول , أن يعبر عين أبيه/ ليعرف كيف يرى ؟ / ويدقق فى لُب الأشياء / ليسكنها /
انفتحت كوة أسرار أبيه / فلم يقدر أن ينفذ / كى تتسع رؤاه / فأيقن أن الحكمة / لن يعرفها / إلا حين يغادر عين أبيه ” .

خيوط العمر
قصائد الديوان رحلة مع الذات الشاعرة , رحلة ارتبطت بالكتابة , بالحروف التى هى ثروة الشاعر , وكنزه , وهو يبدع أنشودته , فيقول فى قصيدته ” خيوط العمر ” : ” حتى لا تنفلت خيوط العمر / أبطأ من حدته / كى لا يقطع / بعض خيوط / لا زالت تربطه / بسنين مرت / ثم تراخت / كى لا تمنحه / ما يمكنه أن يكمل رحلته / حاول أن يبطىء / هل تنفلت خيوط العمر / ويغلق صفحته / فلقد ضاق بها / حين اتسعت /
حاول أن يفصل / كل حروف العمر / اشتبكت / وارتبكت / وتطاير منها ما أغضبه ظل يلاحقها / كى يجمعها / فانفرطت أحرفه / فمضى / لا يعرف كيف يُدارى ؟ /
ما خبأه من أيام أسكنها / فى ركن من صفحته / حين امتلأت / كى يخرجها حين يروق لها فانغلقت / وانفلت قطار العمر ولم يلحقه ” .

بهجة الحب وصغيرة الحلم

مكابدات النفس , وأحلامها , ذكرياتها البعيدة والقريبة , والتحديق فى مرآة الذات , ومحاولة اقتناص الحلم تلك هى ملامح هذا الديوان الذى صَّور رجفة المقامات التى جسدها الشاعر فى قصائده , فماذا عن بهجة الحب ؟ , وهل كان طوق نجاة , أطياف حلم ؟ , فى قصيدته ” سرقة حلمى ” يصور لنا الشاعر رائحة العطر الحبيب إذا نشقه , فهل كان له من ورده , ومن شوكه ما اشتهى ؟ , يقول شاعرنا ” مرتين اثنتين / حلمت بها / قالها صاحبى قبل أن تتساقط من صدره شهقة أنهكتنى / كنت أعرف / أن ظهورك فى الحلم / حين تمرين / تاركة عطر صدرك / لن يرتقى / كى يهدىء شوقى / فقلت له حين أفرغ / ما ظل يخفيه / من دفقة الشوق / هل يلتقى حلمنا ؟ / عل فى لحظة / يترقرق قلباهما / أتفيأ ظلى وأغدو / إلى خيمة الكلمات / فنازعنى / كى تكون له / رؤية الحلم / نازعته واستعنت بغلق عيونى / وما أن تحسست نومى / حتى انتبهت لصوت يودعنى / إنه صاحبى الذى فر مختفيا / وقد صاحبته / صغيرة حلمى ” .
وبين البحث وبؤرة الفقد يهبنا الشاعر حكمته , خلاصة رؤيته , وثمارحصاده , حكمة الحياة التى قطرها فى قصائد الديوان , فيقول ” فى الشىء متسعٌ / لمداومة الأخذ / والمنح / متسع للعطاء / فلا تبتئس / حين تفقد شيئك / واظفر بما أنت فيه / بما لم تجده / تخيّل بأن الفضاء / به كل شىء / وأنك تملكه فى يديك / امتلكت الفضاء / بكل نواحيه / لست تفرط فيه / وتعطيه ما قد تساقط / فى رحلة الفقد أو ما تحقق / فى رحلة الوجد / تلقاه / حتى إذا ما انتهيت / لكونية الشىء / صرت الذى ترتجيه / ففى الفقد وجد / وفى الوجد فقد ٌ , وخيط يعلقنا / فاصلا بين شيئين / ما لم
تجده / وما أنت واجده / فى الفضاء البعيد ” .
وتلك هى رؤية الشاعر , قد جسدت الحلم والبحث عن الحكمة فى ” رجفة المقامات ” وترنيمات الذات الشاعرة الباحثة عن صدق المعنى .

https://www.facebook.com/noses1989/ العطر فى أنقى صورة.. أفضل ثبات وفوحان ..noses عـطور أونلاين ستغير فكرتك عن تركيب العطور.. تستحق التجربة
Related Posts

بنية السرد الروائي عند علاء الديب

التعليقات على بنية السرد الروائي عند علاء الديب مغلقة

الأعمال الكاملة للكاتب شحاته عبيد فى ذاكرة الكتابة بقصور الثقافة

التعليقات على الأعمال الكاملة للكاتب شحاته عبيد فى ذاكرة الكتابة بقصور الثقافة مغلقة

(الأخلاقيات البيولوجية الإسلامية …مشكلات واّفاق)..جديد المركز القومى للترجمة

التعليقات على (الأخلاقيات البيولوجية الإسلامية …مشكلات واّفاق)..جديد المركز القومى للترجمة مغلقة

سبع قصائد جديدة لسعدي يوسف في العدد الجديد من “إبداع”

التعليقات على سبع قصائد جديدة لسعدي يوسف في العدد الجديد من “إبداع” مغلقة

احتفالا بمئوية جمال عبد الناصر، القومى للترجمة يُصدر الطبعة العربية من “ناصر”:

التعليقات على احتفالا بمئوية جمال عبد الناصر، القومى للترجمة يُصدر الطبعة العربية من “ناصر”: مغلقة

خليك فى البيت.. وحمل اصدارات قصور الثقافةالتراثية مجانا

التعليقات على خليك فى البيت.. وحمل اصدارات قصور الثقافةالتراثية مجانا مغلقة

رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا أحدث إصدارات هيئة الكتاب

التعليقات على رسائل إخوان الصفا وخلان الوفا أحدث إصدارات هيئة الكتاب مغلقة

باكورة ذاكرة المدينة..التنسيق الحضارى يصدر” جزيرة الزمالك… القيمة والتراث “

التعليقات على باكورة ذاكرة المدينة..التنسيق الحضارى يصدر” جزيرة الزمالك… القيمة والتراث “ مغلقة

أصوات أدبية تصدر ديوان “غلطة لاعب السيرك” للشاعر عزمى عبد الوهاب

التعليقات على أصوات أدبية تصدر ديوان “غلطة لاعب السيرك” للشاعر عزمى عبد الوهاب مغلقة

د. عبير حسن عواد تكتب: إليزابيث..هكذا يحكي اليهود قصتهم لأطفالهم وللعالم

التعليقات على د. عبير حسن عواد تكتب: إليزابيث..هكذا يحكي اليهود قصتهم لأطفالهم وللعالم مغلقة

النسوية وحقوق المرأة حول العالم ..جديد المركز القومى للترجمة

التعليقات على النسوية وحقوق المرأة حول العالم ..جديد المركز القومى للترجمة مغلقة

“مأوى الغياب” لمنصورة عزالدين.. الكتابة كخطيئة أصلية

التعليقات على “مأوى الغياب” لمنصورة عزالدين.. الكتابة كخطيئة أصلية مغلقة

Create Account



Log In Your Account