مطالب بتوثيق سرابيط الخادم .. والمسروقات خارج إحصاء الأثار

مطالب بتوثيق سرابيط الخادم .. والمسروقات خارج إحصاء الأثار

كتبت – نفيسة عبد الفتاح
رغم الجهود التى تم بذلها من قبل، والتى نجح بعضها بعد طول معاناة فى استرداد جزء من ثروتنا الأثرية المنهوبة من دولة الكيان الصهيونى، يبدو أن قدر ملف أثارنا تلك أن يظل مفتوحا، وأن يشكل الموقف من معبد سرابيط الخادم جرحا ومصدرا محتملا لنزيف الأثار، هذا المعبد الذى عانى من النهب الإسرائيلى ويعانى اليوم من عدم توثيق محتوياته أو ما بقى منها بكل أسف، وهى الخطوة الوحيدة التى كان ينبغى علينا أن نتخذها منذ سنوات!
الملف الذى نفتحه الآن ليس فقط ملفا لمنطقة أثرية معرضة للنهب؛ لكنه أيضا ملف قطع أثرية تم الاستيلاء عليها منها، ومن حفريات أخرى تمت في المنطقة بشكل غير مشروع، ونحن هنا نتحدث عن سرقات جديدة محتملة، وليس فقط عما قام به وزير دفاعهم الأسبق موشى ديان بكل ما تم اكتشافه من معلومات وحقائق تؤكد استيلائه على قطع مصرية، بعضها عرض فى المزادات، أو تم وضعها فى متحف القدس بعد شرائها من أرملته بمليونين من الدولارات، وإن كانت مجموعة ديان من الأثار وتحديدا احدى قطعها”لوحة من الحجر”التى ظهرت ثم اختفت ومازال الغموض يحيط بمصيرها؛هى التى تسبب الحديث عنها فى إعادة قضية أو ما يمكن أن نسميه أزمة سرابيط الخادم إلى بؤرة الضوء من جديد، بداية من الإعلان عن وجود اللوحة فى مزاد قديم ثم رفعها من المزاد واختفائها تماما، وعدم توافر أى معلومات حالية على الرغم من تصريحات مدير عام إدارة الآثار المستردة بوزارة الآثار المصرية فى ذلك الوقت، شعبان عبدالجواد، بأنه يجرى متابعة القضية، وأن الوزارة ستتخذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة، لإيقاف بيع تلك القطعة مع دراسة الأوراق التاريخية الخاصة بالقطعة لمعرفة مدى شرعية خروجها من مصر.

لكن ما تم مؤخرا من نشر علمى حول القطعة أثار جدلا واسعا حول ما يمكن أن يعنيه النشرعن قطعة مسروقة، خاصة وأن مصرى مسؤول فى وزارة السياحة والأثار يعمل فى سيناء هو أحد أطراف هذا النشر، وما موقف القانون فى تلك الحالة، وهل يفيد هذا النشر اللوحة المسروقة بتوثيق مصدرها واثبات مصريتها كما ادعى الدكتور هشام على صفحته، أم يتسبب فى رفع سعرها فقط أينما وجدت الآن؟! كما يؤكد رافضوا هذا النشر أنه كان يجب الحصول على إذن وزارة السياحة والأثار قبل أى نشر علمى، وهى أسئلة ننتظر إجابة عنها من الوزارة التى نأمل أن تفتح تحقيقا حول الواقعة.
وبعيدا عن الجدل حول النشر وحول اختفاء القطعة التى عرضت يوما ما للبيع، فإن أهم ما يميز سرابيط الخادم هو معبد حتحور الذى يقع على سطح هضبة من الحجر الرملي ترتفع حوالي 1200م عن مستوى سطح البحر. وبالقرب منه توجد مغارات الفيروز التي تزخر صخورها بالعديد من النقوش الهامة. وإلى الغرب من المعبد تقع منازل العمال، وهي دائرية الشكل شيدت بشكل خشن من أحجار المنطقة، ولب قضيتنا هو هذه المنطقة التى تمثل أضخم وأهم معبد مصري في شبه جزيرة سيناء، وهو أقدم نموذج للمعابد المصرية المنحوتة جزئيًّا في الصخر. ويعد قدس الأقداس لهذا المعبد هو الأضخم من نوعه بين جميع ما خلفه عمال المناجم القدماء في عموم مصر

واللوحة المسروقة من الحجر الرملى الأحمر وعليها نقوش فرعونية، اختفت بفعل فاعل بعد أن تم الاعلان عن بيعها فى احدى صالات المزادات الإسرائيلية فى عام 2007، وبعد اكتشاف أمرها تم رفعها من صفحة صالة المزادات، وأعاد القضية الى بؤرة الحدث اكتشاف أمر النشر العلمى الذى قام به المشرف على أثار سيناء د.هشام حسين بالتعاون مع رئيس البعثة الفرنسية بالقاهرة بيير تاليه، وكان د. هشام واحدا ممن أثاروا قضية تلك اللوحة منذ مايزيد عن 6 سنوات، وممن طالبوا بإعادتها، وكان ضمن الحاضرين أثناء المحاضرة التى القتها الدكتورة مونيكا حنا عميدة كلية الأثار والتراث الحضارى بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحرى فى أبريل 2016، عن سرابيط الخادم وهذه اللوحة ، التى قيل أنها لم تكن قد بيعت حتى ذلك الوقت.
كان الجدل حول تلك القطعة بمثابة جرس انذار قوى فهناك الكثير خلف الكواليس، وهو ما نحاول مناقشته لفهم قصة ذلك المعبد الذى تعالت الأصوات وصدرت القرارات المرة تلو الأخرى بتوثيق محتوياته، ورغم ذلك لم يتم توثيقه حتى الآن، بل ولعل مسئولى وزارة السياحة والأثار يوضحون لنا عدد الحراس الذين يحرسون هذا المعبد الآن، وعدد موظفيه، ونخشى أن الإجابة ستأتى صادمة وأن المعبد العظيم ليس عليه حراسة كافية على الإطلاق كما تقلص عدد موظفيه بشكل لا يصدق، وكأننا نترك أثارنا لتنهب بكامل ارادتنا ثم علينا ان ندور بين صالالت المزادات أو نستنزف فى المفاوضات لنسترجع ما يمكن استرجاعه!
**سرابيط الخادم وديان
علاقة موشى ديان بسيناء بدأت مع علاقة دولته بأرض احتلتها مرتين، المرة الأولى امتدت لستة شهور فقط، وقت العدوان الثلاثى على مصر عام 1956 والمرة الثانية مع احتلالهم لسيناء عام 1967وحتى خروجهم بعد اتفاقية السلام عام 1982 وهى فترة امتدت لخمسة عشرة عاما، وانتهت منذ خمسين عاما أى منذ نصف قرن!
وكان موشى ديان مولعا بجمع الأثار، والتنقيب بنفسه وباستخدام الأطفال، وقد جمع بهذه الطريقة مجموعته الكبيرة التى أهدى بعضها لمن يحيطون به ، ومن ذلك 10 جعارين مصرية أهداها لحفيده “سار” وفقا لصحيفة معاريف الإسرائيلية فى عدد 22سبتمير 1991، واحتفظ بما احتفظ من قطع اغتصبها من أراضى الجولان وفلسطين القديمة وغزة وغيرها من المدن الفلسطينية،

موشي ديان اثناء التنقيب عن الأثار بسيناء
كما اشترى قطعا بمبالغ تافهة من لصوص أثار عرب، أو أهديت له من جنوده فى الأرض التى كان قائد جيش احتلالها، وعلى الرغم من انكار أن هناك أثارا تم الاستيلاء عليها من سرابيط الخادم، إلا أن حقيقة الأمر كانت أن أثار سيناء والمعبد كانت بين مجموعة ديان، وهو أمر اعترف به صحفى اسرائيلى وجندى وقائد طائرة، قام بنقل الأثار، وظهرت صور أثناء التنقيب تفضح الجنرال الذى اعتبرته دولة الكيان الصهيونى من ابطالها حتى أن صحيفة الاندبنت كتبت مقالا عن سرقة ديان للأثار فى 14 فبراير 1997 تحت عنوان ” الصور التى تثبت جرم موشى ديان- بطل أم لص
وفى عام 2016 صرح مصطفى محمد نور الدين مدير منطقة آثار سرابيط الخادم آنذاك، أن الإسرائيليين عملوا فى مواقع سرابيط الخادم ووادى مغارة وام التمايم ووادى خريج ووادى النصب والنواميس ووادى فيران والنبى صالح والشيخ محسن,وتقريبا فى جميع مواقع اثار جنوب سيناء بالاضافة لشمال سيناء,هذا غير اعمال المسح الاثرى التى قاموا بها وطالت معظم سيناء، وإن كانت تلك الاعمال منشورة علميا
مشيرا إلى سرقة وحفر لا نعلم عنهما شيئا قام بهما قادة الجيش الاسرائيلي وابرزهم موشى ديان الذي زار معبد حتحور “سرابيط الخادم” واختار العديد من القطع الأثرية أشهرها العمود ذو الرأس الحتحورى الذى استعادته مصر فيما بعد ولم يتم التعرف على عدد القطع الأثرية التى سرقها ديان.

أثار مصرية وسورية وفلسطينية في بيت ديان
ولا يمكن اعتبار أن البداية كانت مع تصريحات نور الدين أو ظهور اللوحة فى صالة المزادات الإسرائيلية والإعلان صراحة عن أنها من مجموعة ديان وأنها من سرابيط الخادم تحديدا، أو مع الشهادات الإسرائيلية التى أكدت فيما بعد حدوث السرقات؛ لأن الأمر كان متداولا بالفعل قبل ذلك بسنوات حيث تم الكشف عن سرقة الآثار من سيناء في إسرائيل عام 1971، لكن مسئولي الآثار في مصر لم يعلموا بذلك بسبب تكتم الجانب الإسرائيلي حرصا على سمعة جنراله.
ففي ديسمبر 1971 كتب الصحفي دان بن-اموتز تقارير صحفية يتهم فيها موشي ديان ببيع الآثار والكذب واستغلال السلطات وعدم دفع الضرائب وقد سجل ذلك في كتابه ” تأملات فى الوقت المناسب” الذي نشره فى تل أبيب عام 1974
وبعد أيام تم استجواب ديان فى الكنيست ولكنه أنكر كل الاتهامات، وكان ديان قد ذكر في كتابه ‘العيش مع التوراه’، الذي نشره عام‏ 1978‏، عن زيارته لمنطقة سرابيط الخادم، وسط سيناء، في عام‏ 1956‏ أثناء العدوان الثلاثي، وفي تموز/ يوليو عام‏ 1969‏ بعد احتلال سيناء، وذكر أنه اتجه مع عدد من الجنرالات إلى المنطقة الأثرية ‘سرابيط الخادم’، واستولى على عدد من اللوحات الأثرية!
كما أكد في مذكراته، أنه نقل هذه القطع إلى منزله في تل أبيب بطائرة عسكرية‏، وترجم أستاذ الآثار بجامعة تل ابيب، رافائيل جيفون، النقوش الهيروغليفية التي نقشت على القطع المنهوبة، وفي وقت لاحق قام بنشر بعضها وقال، ‘إن ديان استطاع أن يجمع قطع أثرية متنوعة وفريدة‏
وبعد موت موشي ديان قامت راحيل الزوجة الثانية لديان ببيع مجموعته الأثرية التي ورثتها لمتحف القدس ومع عرضها تظاهر أثريون اسرائيليون على باب المتحف رافعين لافتات ترفض عرض الأثار التى تمت سرقتها من الأراضى التى احتلتها اسرائيل لعدم شرعيتها

إسرائيليون يرفعون لافتات ضد عرض مجموعة ديان
ووقتها قام المتحف ببيع بعض القطع قليلة الأهمية في صالات المزادات والي بعض المتاحف العالمية وهو ما يفسر وجود أكثر من قطعة من مجموعة ديان من سرابيط الخادم فى بعض المزادات اضافة للإهداءات الشخصية التى أهداها ديان والتى ربما يكون أصحابها قد عرضوها للبيع أيضا
وفي تحقيق الأهرام ويكلي فى 11 يونيو 1997 اعترف الأثرى الإسرائيلي آفيس جورون بجريمتين لديان ( أحد الذين قاموا بحفائر في سيناء بين عامي 1978 و 1982 ) أحدهما نقل القطع الأثرية المصرية من سيناء الي بيته بتل أبيب والثانية قيامه بعد النقل بتدمير الموقع الأثرى الذى أخذ منه ما يريد!.
** أزمة توثيق
يقول الدكتور محمد عبد المقصود الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للأثار أن الإنجليز سجلوا المعبد ووثقوا محتوياته بالصور فى الفترة من 1904 وحتى 1907 وتم نشر مجلدات عن المعبد، ولكن ليس لدينا توثيقا مصريا حديثا للمعبد، معتبرا أن كتب عالم المصريات واللغويات الإنجليزى آلان جاردنر، الذى فك رموز الكتابة السينائية 1915، وفي عام ١٩٥٢ قام أيضا “سير ألان جاردنر”، ومواطنه عالم المصريات “توماس إريك بيت”، بنشر النقوش الموجودة في منطقة سرابيط الخادم والمناجم المحيطة بها وإعطائها أرقاما تسلسلية أصبحت منذ ذلك الوقت المرجع الأساسي للباحثين، وخلال سنوات الاحتلال الإسرائيلي لسيناء، من ١٩٦٧ حتي ١٩٨٢ ، قامت جامعة تل أبيب بتوثيق المعبد برئاسة رافائيل جيفيون ولم يصدر هذا التوثيق رغم العمل فيه لمدة 15 عاما ورغم أن كل حجر تم ترقيمه وتوثيق كل قطعة، وبالعودة إلى عام ١٩٠٤ فقد نشر عالم المصريات الفرنسي “ريموند وايل” العديد من لوحات المعبد، وفي نفس العام أرسل “صندوق استكشاف مصر” بعثة بإشراف “فلندرز بيتري” وتم نشر أعمالها في عام 1906.
ويضيف الدكتور محمد عبد المقصود أن تلك الكتب هى أهم ما يمكن اتخاذه كمرجعية لسرابيط الخادم اضافة الى أعمال بعض البعثات كما قام مركز تسجيل الأثار بتصوير المعبد بالكامل بعد عودة سيناء، وقام مركز توثيق التراث بتصوير المعبد فى التسعينات، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن صدرت عدة قرارات بتوثيق المعبد ولم يتم تنفيذها، ويؤكد الدكتور عبد المقصود أن التوثيق يحتاج الى أثريين وتجهيزات لكنه على أعلى درجة من الأهمية حتى يتم عمل نشرة دولية بالمفقودات ويمكن بعدها استرداد مايظهر منها فى أى مكان فى العالم ،مضيفا أن سيناء لاينقصها التمويل اللازم لعملية التوثيق لأنها تمول سنويا ولديها فائض فى ميزانيتها، ويتسائل كيف لا نحسم الأمر وننهى التسجل والموقع على القائمة المبدئية للتراث العالمى؟!

https://www.facebook.com/noses1989/ العطر فى أنقى صورة.. أفضل ثبات وفوحان ..noses عـطور أونلاين ستغير فكرتك عن تركيب العطور.. تستحق التجربة
Related Posts

مفتي الجمهورية يدين العملية الإرهابية بالواحات البحرية

التعليقات على مفتي الجمهورية يدين العملية الإرهابية بالواحات البحرية مغلقة

ننشر تعديلات قانون حماية الأثار الذى أقره مجلس النواب اليوم

التعليقات على ننشر تعديلات قانون حماية الأثار الذى أقره مجلس النواب اليوم مغلقة

ملك ابنة الاسماعيلية تملك قلوب ضيوف القاهرة الفاطمية

التعليقات على ملك ابنة الاسماعيلية تملك قلوب ضيوف القاهرة الفاطمية مغلقة

نفيسة عبد الفتاح تكتب: وجوه للحزن

التعليقات على نفيسة عبد الفتاح تكتب: وجوه للحزن مغلقة

عاجل.. ننشر ردود الفعل الدولية على قرار ترامب بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل

التعليقات على عاجل.. ننشر ردود الفعل الدولية على قرار ترامب بالإعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل مغلقة

بعد صلاة جنازته في التجمع الخامس.. صفوت الشريف يجاور حسني مبارك في رقدته الاخيرة

التعليقات على بعد صلاة جنازته في التجمع الخامس.. صفوت الشريف يجاور حسني مبارك في رقدته الاخيرة مغلقة

تمصير الفصحى فى افتتاح مؤتمر العامية المصرية تراث امة وتاريخ شعب باتحاد الكتاب

التعليقات على تمصير الفصحى فى افتتاح مؤتمر العامية المصرية تراث امة وتاريخ شعب باتحاد الكتاب مغلقة

خبراء تصوير يلقون الضوء على كل ماهو جديد فى محاضرة وورشة بمكتبة الأسكندرية

التعليقات على خبراء تصوير يلقون الضوء على كل ماهو جديد فى محاضرة وورشة بمكتبة الأسكندرية مغلقة

بالصورة ..السيدة أسماء الأسد تبدأ أولى مراحل علاج السرطان

التعليقات على بالصورة ..السيدة أسماء الأسد تبدأ أولى مراحل علاج السرطان مغلقة

رئيس قطاع متاحف الأثار خمس نجوم .. ولا عزاء لفقراء الاستراحة

التعليقات على رئيس قطاع متاحف الأثار خمس نجوم .. ولا عزاء لفقراء الاستراحة مغلقة

جائزتها ٥٠٠٠ دولار.. مسابقة للتقارير الصحفية المميزة فى المجال العلمى

التعليقات على جائزتها ٥٠٠٠ دولار.. مسابقة للتقارير الصحفية المميزة فى المجال العلمى مغلقة

وزير الثقافة ورئيس الأوبرا يفتتحان مهرجان القلعة ال27 الدولي للموسيقي والغناء

التعليقات على وزير الثقافة ورئيس الأوبرا يفتتحان مهرجان القلعة ال27 الدولي للموسيقي والغناء مغلقة

Create Account



Log In Your Account