أخبار-ثقافة -فكر دينى – فنون – أثار
بالمصادفة كنت أمام شاشة القناة الثانية وقت رفع أذان الظهر، كان صوت المؤذن مصحوبا بمشاهد تسجيلية بديعة لأحد مساجد القاهرة الأثرية وعلى الفور أدرت القناة للاستماع إلى الأذان على “الأولى” علنى أستمع إلى صوت العبقرى الشيخ محمد رفعت يرفع الأذان مصحوبا بمشاهد جديدة لعبقرية البناء الإسلامى التى تسكننا وتمتزج بواجداننا من قلب قاهرة المعز ، وعلى الرغم من أن المؤذن على الأولى كان الشيخ سيد النقشبندى بكل ماله فى القلب من محبة وفى الروح من تأثير إلا أننى لم احتمل ما أدخله التليفزيون من تطوير على الأذان، ولا أفهم كيف طاوع القلب من فعل ذلك .. كيف تحولت مشاهد تراثنا ومساجدنا إلى مشاهد كمبيوترية رخيصة وتحول الحجر الذى يحكى للأجيال التاريخ والنقوش التى مازالت تبعث فينا طاقة الحب التى نقشها بها الأجداد والجمال الذى يبهر السائح والمقيم ؛ كيف تخول كل ذلك إلى شلال ماء وخضرة أو طواف غير حى حول الكعبة يماثل اللوحات المضيئة التى تخلو تماما من الروح والتى تعلق على الحوائط، كنوع من الفن المعلب ، أحسست بالشيخ سيد النقشبندى فى المكان الخطأ وحزنت لأن التطوير لا يفهم الفرق بين الرخيص والثمين لا يدرك أن ابرز ما يشكل وجدان الشعوب هو تلك الأنامل التى تترجم روح وعقل الإنسان فى زمنه مخلفة ما نسميه فنون التراث وأن الانتماء لا ينمو فى النفوس ونحن نغتال رباطها المقدس بكل ما يربطها بالوطن ، فتلك الأماكن يدرك القاصى والدانى عبقريتها، تماما كما يدرك ان أجهزة الإعلام جزء لا يتجزأ من الإعلان عن الهوية والترويج السياحى للروائع التى تزخر بها شوارعنا ومبانينا .. لقد أحسست مرات أن التطوير الذى دخل على، الأولى” تطوير لا يدرك المطلوب منه بداية من ملابس المذيعات وخاصة أميرة العقدة فى صباح الخير يامصر فهى لا تدرك أن القناة الأولى هى قناة مصر الرسمية وأن ملابسها لا تليق بالإعلام الرسمى ، والحديث عن سلبيات صباح الخير يامصر لا يبعد فى قليل او كثير عن الصور الكمبيوترية التى لا تليق أو تنتمى لنا .. إنها العقلية التى تفكر بعيدا عن الدراسة الواعية والفكر الرصين .. عقلية تجارية ساذجة تخرجنا إلى عالم لا يقدر قيمة اللوحة الزيتية التى بث فيها الفنان جزءا من روحه فيستبدلها على حائط البيت العريق بصورة مقلدة بلا روح .