د.رضا شحاته يكتب الرسالة9: المرأة فى حياة سعد الخادم..”الأم.. الصديقة.. الزوجة”

د.رضا شحاته يكتب الرسالة9: المرأة فى حياة سعد الخادم..”الأم.. الصديقة.. الزوجة”

د.رضا شحاته يكتب الرسالة9: المرأة فى حياة سعد الخادم..”الأم.. الصديقة.. الزوجة”

التعليقات على د.رضا شحاته يكتب الرسالة9: المرأة فى حياة سعد الخادم..”الأم.. الصديقة.. الزوجة” مغلقة

فى هذه الرسالة أود أن أقول أننا أمام خليط معقد من المشاهد الجذابة ووجه آخر لتجربة الحياة غير المرئية التى تفصح لنا عن صورة المرأة فى مخيال سعد الخادم وهذه الرؤية التى أحكي عنها تنبع من الإطلاع على المراسلات بين هذا الرجل وبين والدته نعمت هانم ذو الفقار وزوجته الفنانة عفت ناجى وآثرت أن نقبض فيها على قراءة أقرب للحقيقة تبحث عن معنى المعنى ,وتتجاوز فكرة القراءة المباشرة من الوثائق الخام التى ربما تركت لنا صورة شاحبة عن سعد الخادم .ما أريد قوله فى هذه الرسالة أننا سوف نقوم بالحفر فى هذه المراسلات والخطابات الوثائقية من جديد .. لربما نكتب الحقيقة , ونبدد طيف الظلال والغموض عن وجه هذا الرجل فى موضوع مثير , وهو المرأة فى حياة سعد الخادم .

من الآن فصاعداً , سأترك سعد الخادم الأستاذ ونقرأ سعد الخادم الإنسان .وأول ما ينبغى فعله الآن هو أن نستحضر عشرة سنوات من زمان هذا الرجل , آمل أن نمنحها الوجود مرة أخرى ونمضى . عبر الوصف لمجموعة من المشاهد واللقطات المشيدة من الكلمات .. واللقطة ” “Shot التى نقصدها هنا هى أحداث صغيرة مرتبطة بقضية المرأة فى حياة سعد الخادم وسوف نقف عند لقطات من الذكريات البعيدة لنلقى الضوء حول علاقة هذا الرجل فى تلك الفترة الزمنية الممتدة من عام 1935 إلى عام 1945 مع كل من والدته “نعمت هانم” .. وإبنة خاله ” الملكة فريدة” وزوجته الفنانة “عفت ناجى “.. ولعنا هنا نستحضر روح هؤلاء النساء كلمة بعد كلمة ونستدعيهم إلى العالم مرة أخرى لنملأ بهم بعض المساحات من الفراغات فى سيرة سعد الخادم الإنسانية.

المشهد الأول : سعد الخادم ونعمت هانم والمرأة الغيور …………………………
فى البداية .. تحية لتلك الأم التي تجاوزت نفسها وترملت فى سن صغيرة لتحتوي أسرتها، وإبنها سعد الخادم , وهي مجبولة على ذلك بحكم نشأتها العريقة التى أمدتها بالقدرة علي الحب والعطاء بدون حدود. ونقول يا أمهاتنا .. أنتن من سيكتب تاريخ هذه البلد ويصنعن الرجال في هذه الأمة. وصدق الشاعر “حافظ إبراهيم” حين قال:
الأم مدرسة إذا أعددتها .. أعدت شعباً طيب الأعراق .. الأم روض إن تعهده الحيا بالري أورق أيمـا إيراق .. الأم أستاذ الأســاتذة الأولي .. شغلت مآثرهم مدي الآفاق.

لقطة (1) : عصفور من الشرق وهواجس نعمت هانم تجاه الأجنبيات ………………………..

رصدت الرواية العربية فكرة الفتنة بالنساء الأوربيات فى مخيال الرجل الشرقى, واستعرضت هذا الصراع بين الشرق والغرب وجسدته في شخصية “محسن” البطل المشرقى فى رواية الكاتب توفيق الحكيم “عصفور من الشرق” عام 1938م، هذا البطل الروائى الذي جسد الشاب القادم إلي باريس لدراسة الحقوق، وكان مولعاً بالفن، مثالياً في التفكير، أحب فتاه فرنسية تدعى “سوزي ديبون” عاملة تذاكر شباك الأوبرا ، ونتيجة للاختلاف في الثقافات، يصطدم بالواقع .. ليكتشف أنها فتاة لعوب لها طموحات مادية وليست لها قلب، وتنتهي قصة الحب بالفشل. وفى إطار هذه الرؤية التى تسيطر على مخيال نعمت هانم الأم الشرقية تنصح سعد الخادم فى رسالة : بتاريخ 16 يونيو 1939م تقول فيها:

عزيزي سعدي .
“…أرجو أن تكون عقلانياً يا سعدي وألا تغريك الفتيات، فتهمل عملك، وتفشل. وفي النهاية تندم علي الفترة التي أضعتها هباء. ضع في بالك دائماً أنه سيكون لديك كثيراً من الوقت تستمتع به فيما بعد، لكن الآن كل دقيقة تدرس فيها أغلي وأقيم كثيراً من أن تضعها في التفاهات. أتركك الآن مع تقبيلك بحنان.. وأشكرك مرة أخري، وإخوتك أيضاً يقبلونك”. والدتك. عزيزي سعدي
وفى رسالة أخرى : بتاريخ 25 يناير 1937م تقول فيها:
عزيزى سعدى.
” …لا أريدك أن تأتي في الأجازات، بل إذهب لرؤية بلدان جديدة. لكن عليك أن تأخذ حذرك جيداً من النساء اللاتي (يلزقن) وهنا تفقد كل مستقبلك كما حدث مع كثيرين قبلك.” والدتك.

اللقطة (2) : فتنة الزواج من الأوربيات عقدة خوف نعمت هانم ………………

لقد كان الهوس بالأجنبيات والإعجاب بهن كبيراً من قبل الرجل الشرقي الذي كان يعتقد أنه يسافر إلى أوروبا ليغزو نسائها، وفي نصب عينيه الزواج بفتاة جميلة من الإنجليزيات والفرنسيات زرقاوات العيون . ومما غذى هذه الرؤية الإستشراقية هذا الكم الهائل من الجمال والسحر الأنثوي للمرأة بالأفلام الغربية، والذى صدرته السينما فى هذا الزمن وظهور نجمات مثل: كاترين هيبورن ، إنجريد برجمان ، غريتا غاربو ، مارلين ديترش وغيرهن من نجمات السينما العالمية في تلك الآونة.
وحقيقة الأمر وضحت عقدة الخوف عند نعمت هانم من زواج أبنائها من أجنبيات. من خلال العديد من النصوص المتبادلة بينها وبين سعد الخادم تتحدث فيها عن فتنة النساء الأوروبيات، وتحذره منهن. ويمكن أن نرصد ذلك فى ضوء رؤية متحيزة لنعمت هانم ضد نساء الغرب في عدة رسائل علي النحو التالي:
رسالة : بتاريخ 24 أكتوبر 1938م

عزيزى .. سعدى
“ما هذا الصخب الدائر هنا يا سعدي، هل صحيح تزوجت إنجليزية؟ هذا حدث جلل لدرجة أني لم أصدق، وبرغم ذلك سقطت مريضة. أنا في شدة التوتر والحيرة، ولا يسعني سوي أن افكر ليل نهار، وأقول لنفسي كيف تجردت من الشفقة إلي هذا الحد! أهؤلاء هم الرجال الذين أنجبتهم ليساندوني؟ للأسف كلكم تسعون وراء متعتكم الخاصة، وهذه كارثة إنسانية بكل المقاييس. هكذا تكافئون أمكم المسكينة التي أفنت عمرها من أجلكم؟ ألم تري بعينك حجم الجرم الذي ارتكبته هذه السيدة. وجروءت علي أن تبلغني أنك تريد أن تطيل مدة الدراسة! تأكد أني سأفعل ما في وسعي للتصدي لذلك إذا كان صحيحاً، فأنا لا أتمني أن يكون هناك أجانب آخرين داخل أسرتي. لن أسامحك يوماً، وسوف تعيش يعتصرك الندم طول عمرك، لأنك ستكون قتلت أمك من الحزن…”
وفى رسالة : بتاريخ 7 نوفمبر 1937م تقول فيها.

عزيزى .. سعدى.
“…أكره الأوروبيات جداً.. ضيعوا أبنائي، وسرقوهم مثل الفرائس! لقد أصبحت متكلفاً.. تتحدث مع والدتك كأنك تتكلم مع شخص تعرفه بالكاد، وهذا يجرح قلبي في الوقت الذي أحتاج فيه للمودة والدفء…”

المشهد الثانى .. سعد الخادم وعلاقته بصافيناز”الملكة فريدة “………………………

نشأ سعد الخادم في كنف أسرة ذو الفقار عائلة والدته نعمت هانم ذو الفقار، وهي أسرة عريقة مترابطة. وكان عادة ما يقضي أجازة الصيف المدرسية عند خاله سعيد أو يوسف بالأسكندرية. ويلتقى بصافيناز كأى طفلين ولم تتعدى العلاقة فى اعتقادى بينهما علاقة الطفولة البريئة وهذا هو جزء من خطاب مترجم عن الفرنسية أرسلته والدته إليه حينما كان طالباً بالبكالوريا في مدرسة السعدية ويقضى الأجازة عند خاله سعيد:وهى رسالة بتاريخ 9 يوليو1935م توصيه بالتالى:

عزيزي سعدي
“…أرجو أن تبذل أقصي ما في وسعك لإرضاء خالك، فأنت تري بنفسك كيف يهتم بك، ويسعي لجعلك شخصية مهمة. فعليك الاستماع لنصحه، وتنفيذ كل ما يطلبه منك بمنتهي المحبة وطيب الخاطر. لا تترك شعر ذقنك ينمو بطول إصبعين، بل احرص علي الحلاقة يومياً. ليس هناك أقبح من رؤية رجل غير حليق.. .. بعد رحيل خالك سعيد بإمكانك المجيء إذا أردت الحضور. فأنا خائفة من إزعاجه. الأطفال بخير ويقبلونك وأيضاً أبناء خالك. حافظ علي نظافتك الشخصية.. ملابسك الداخلية، وشراباتك كل مساء. أتركك الآن وأقبلك بكل مودة “. والدتك.

لقطة (5) : طفولة الملكة فريدة ونشأتها …………………………

صافيناز التي لقبت بفريدة زوجة الملك فاروق الأولي، والتي ولدت بمنطقة جناكليس بالأسكندرية هي إبنة خال سعد الخادم .. يوسف ذو الفقار باشا. المستشار بمحكمة المختلط بالأسكندرية. أما والدتها فهي زينب ذو الفقار كريمة محمد سعيد باشا رئيس وزارء مصر، والصديقة الحميمة للملكة نازلي زوجة الملك فؤاد وأم الملك فاروق. وهي كانت الوصيفة الأولي للملكة. وخال الملكة فريدة هو الفنان الكبير محمود سعيد.كانت صافيناز طفلة متزنة تعيش حياة طبيعية تهوى القراءة والموسيقى الكلاسيكية والرسم وقد درست فى مدرسة راهبات “نوتردام دى سيون” الفرنسية بالأسكندرية.

لقطة (6) : سعد الخادم والملك فاروق والملكة فريدة من خلال رسائل والدته……..

تقابل سعد الخادم مع صافيناز وعائلتها في لندن أثناء البعثة. عندما إشتركت في الرحلة الملكية علي ظهر الباخرة “فيكتوريا أوف إنديا”، والتي قام بها الملك فاروق وإخوته إلي أوروبا في عام 1937م، وتعرف فيها على صافيناز ، وانتهت في 25 يوليو 1937م.
وإذا رصدنا الخطابات التي تتناول علاقة سعد الخادم بالملكة فريدة، من خلال مراسلات والدته له فى تلك الفترة فهي علي النحو التالي:
رسالة : فى تاريخ: 10مايو1937م.

عزيزي سعدي
“أرجو ألا تذهب عند زوجة خالك “يوسف باشا والد الملكة فريدة” إلا إذا طلبتك. فمن الممكن أن تزعجها. هل استدعتك عندما كنت عندها مؤخراً، أم ذهبت من تلقاء نفسك؟ علي أي حال لا تذهب أبداً إلا إذا دعتك. وأرجو ألا ترتكب حماقات، وتذهب لتشتري لها هدايا لكي ترد لها نقودها.. فهي رغم كل شيء زوجة خالك، وأنت كبير الآن وتدرك كل شيء. الأفضل أن تعمل لها تابلوه وتهديه لها. لا تعطي شيئاً لصافيناز “الملكة فريدة لاحقاً” بصفة خاصة، حتي لا يظن الناس أنك تتقرب لها وتغازلها. وفي الحقيقة لا يوجد شيء.. .. أقبلك بحرارة وأضمك بين ذراعي.. والدتك”

لقطة (7) : خطبة صافيناز” الملكة فريدة ” بالملك فاروق ……………………

وتقول الملكة فريدة : وأنا وسط ذكريات الحب في “سان مورتيز”، وبعد عودتنا من الرحلة الملكية بأسابيع، وبعد حفل تتويج الملك.. فوجئنا بحضور الملك إلي قصرنا بالأسكندرية، يطلب يدي لأكون زوجة له.. وتم زواج الملك في يوم الخميس 20 يناير 1938م، وأطلق عليه الملك المحبوب.
وتقول نعمت هانم لأبنها فى رسالة بتاريخ : 19سبتمبر1937م

عزيزي سعدي
صافيناز خطبت للملك، لست أدري هل علمت من الصحف؟ أنا وصلني تلغراف بهذا النبأ. أرجو أن تكون سعيدة كزوجة وكملكة علي حد سواء. الزواج سيكون العام القادم، وهذا تبعاً لما نشر بالصحف هنا. أما أنا فليس لدي تفاصيل. أتمني من كل قلبي أن تكون ملكة ناجحة موفقة، ومحبوبة من شعبها وزوجها. الآن من الصعب جداً أن يكون الإنسان ملكاً، وإرضاء كل أفراد شعبه.. فليحفظهم الله ويهديهم للطريق السليم.
الصحف هنا أعلنت أنها لن يكون إسمها صافيناز بعد الآن، وسيكون إسمها الملكة فريدة. لست أدري هل هذا حقيقي؟ علي كل حال هذا ليس إسماً جميلاً.. لكن طالما إختاروه ليكن مبروك عليهم. سيكون هناك بالتأكيد كثير من الحاسدين والنمامين، فليمنحها الله القوة والصلابة للتصدي لهؤلاء.. والدتك
وفى رسالة بتاريخ : 11 يناير 1938م تقول :

عزيزي سعدي
” … لا تتكلم مع أحد علي الإطلاق عن قريبتك والملك (تقصد الملكة فريدة). حاول أن تكون بسيطاً متواضعاً.. فهذا هو الرقي. أقبلك بحرارة..” والدتك

لقطــة (8) : هدية سعد الخادم للملكة فريدة …………………………….

الهدايا تقوى الروابط والتواصل الإنسانى ولكل هدية معنى وقيمة رمزية وإذا انتقلنا إلى شكل العلاقة الأسرية وطبيعة الهدايا بين سعد الخادم وفريدة علينا أن نقرأ الخطاب التالى :

رسالة (1) : فى تاريخ : 19سبتمبر 1937م
عزيزي سعدي
“… أنا وحدي تماماً هنا في إسطنبول .. سمير سافر بالأمس إلي برلين، ولو كان لديه وقت متسع سيأتي لرؤيتك. لقد اشتريت خاتماً رائعاً لصافيناز كهدية لزواجها. وهو قطعة قيمة من مقتنيات قصر السلاطين هنا… مبهرة. ذهبنا إلي تشاري “Chaardi ” وهو مثل خان الخليلي عندنا لكن أكبر بكثير. وليس فيه هناك أجمل من الأنتيكات. أما الباقي فلا قيمة له … وأنت عندما تنتهي من دراستك عليك أن تعمل لها تابلوه بروح وإيحاء مصري صميم .. .. يجب أن تقرأ الصحف العربية حتي لا تنسي ممارسة القراءة بصفة عامة، ولتعرف أخبار بلدك بصفة خاصة.” والدتك
وتطورت الأحداث، ودون الدخول في تفاصيل.. تم طلاق الملكة فريدة عام 1948م قبل الثورة.. .. ثم صادرت الثورة أرضها وممتلكاتها وأموالها.. وأخذوا منها قصر الطاهرة!

المشهد الثالث : سعد الخادم بعد البعثة وحلم المستقبل ……………………….

بالرغم من تصديق وزارة المعارف علي .. مد بعثة سعد الخادم الدراسية .. للالتحاق بأكاديمـــــية “Fernand Leger” بباريس، حيث كتبت له والدته علي التوالي تبشره بانتهاء موضوعه في البعثات، وبالموافقة فتقول: فى رسالة بتاريخ 25 مايو 1939 م.
عزيزي .. سعدي
“أهنئك .. موضوعك انتهي .. لم أتمكن من إرسال تلغراف لك.. أرجو أن تصلك رسالتي. لن أكتب طويلاً حتي ألحق البريد.. أقبلك بحنان، و مبروك عليك.. ” والدتك

لقطة (9) : عودة سعد الخادم من البعثة إلى الوطن عام 1939م ………………….

بدأت الحرب العالمية الثانية وبدأت عفت هانم فى الخوف على إبنها فى إنجلترا وبثت ذلك فى رسالة شجية بتاريخ 8 سبتمبر 1939 م تقول:

عزيزي سعدي
“هل وصلت باريس؟ ليس بيدي أي شيء أفعله، ما هو مقدر لك سيكون، سواء كنت بجواري أو في نهاية العالم. إذاً سلمتك وسلمت أمري إلي الله .. إذا توفاني الله .. أرجو أن تتذكر رغبتي التي تمنيتها طوال حياتي .. أمنيتي أن يبارك لي ربي في أبنائي ويجعلني أفتخر بهم كأفراد صالحين وبعملهم … أريدكم أن تصبحوا عظماء نابغين .. أتركك الآن وأقبلك بحنان .” والدتك

رجع سعد الخادم من البعثة سالماً بعد نشوب الحرب العالمية الثانية إلي مصر 1939م بعد أن حصل على الشهادات التالية:

“شهادة مدرسة شلس يلندن سنة 1939 عن دراسة أستمرت من سنة 1936 إلى 1939. وحصل على شهادة أساتذة الفن بلندن سنة 1973 القسم الأول وشهادة أساتذة الفن بلندن سنة 1938 القسم التكميلى.”

لقطة (10) : مسوغات الزواج .. والوظائف التى تقلدها سعد الخادم فى مصر……

بعد عودة سعد الخادم من البعثة مباشرة ، عين بوزارة المعارف مدرساً ابتدائي عام 1939م، على الدرجة السادسة ثم مدرساً بالثانوي من عام 1943م إلي عام 1944م، ومفتش رسم إبتدائي عام 1944م.مدرس بمعهد التربية 1946 إلى 1956م .. انتدب للإشراف على الهوايات الفنية بالمدارس الثانوية بالقاهرة إلى جانب عمله بالمعهد من عام 1953 إلى عام 1954م .. انتدب كأمين لمتحف الفنون الجميلة بالإسكندرية إلى جانب عمله بالمعهد 1954 إلى 1959م .. انتدب كأمين متحف الفنون الجميلة بالقاهرة إلى جانب عمله بالمعهد من 1960 إلى 1961 .. عمل رئيس قسم التصميم بالمعهد العالى للتربية الفنية من عام 1959 إلى 1964.. أستاذ بالمعهد العالى للتربية الفنية 1964 إلى 1969 .. عمل رئيس قسم التصميم مرة أخرى بالمعهد العالى للتربية الفنية من عام 1969 إلى 1973م .. بلغ سن الإحالة للمعاش فى 22 مارس 1973 وعمل أستاذ متفرغ من ذلك التاريخ وبتحول المعهد العالى إلى كلية التربية الفنية جامعة حلوان عام 1975 استمر أستاذاً متفرغاً وأنتقل إلى قسم الأشغال الفنية والشعبية الذى أسسه هو والمرحوم فتح الباب عبد الحليم عميد الكلية عام 1979.. إلى أن توفى فى 17سبتمبر عام 1987م.

المشهد الرابع : سعد الخادم وفكرة الزواج من عفت ناجى …………….

ظل سعد الخادم عازفاً عن الزواج مراعياً شئون والدته واستمر فى العزوبية حتي بعد وفاتها إلي أن وصل إلى سن الواحد والأربعين .. وأثناء إنتدابه كأمين لمتحف الفنون الجميلة بالأسكندرية تعرف على عفت ناجى
وفى هذه المناسبة أتصور أن سعد الخادم ألتقى بعفت ناجى وأهدى لها هذه القصيدة على لسان نزار قبانى حيث يقول:
شاءت الأقدار يا سيدتي .. أن نلتقي في الجاهليه!!..حيث تمتد السماوات خطوطاً أفقيه .. والنباتات خطوطا أفقيه .. والكتابات ، الديانات ، المواويل ، عروض الشعر ، .. والأنهار ، والأفكار ، والأشجار .. والأيام ، والساعات ..تجري في خطوط أفقية .. شاءت الأقدار، يا سيدتي .. أن تمطري مثل السحابه .. فوق أرض ما بها قطرة ماء .. وتكوني زهرة مزروعة عند خط الاستواء .. وتكوني صورة شعرية .
عن: قصيدة “الحب فى الجاهلية” للشاعر نزار قبانى .

لقطة (11) : نشأة الفنانة الاسكندرانية عفت ناجى زوجة سعد الخادم ؟………

عفت ناجي زوجة سعد الخادم نشأت في مدينة الإسكندرية بحي محرم بك في 42 شارع أمير البحر، وولدت عام 1905 م باسم عفيفة ناجي، وعرفت بعد ذلك باسم عفت ناجي. كانت الأسرة عريقة محبة للفنون والموسيقي والآداب .. والدتها هي السيدة نفيسة هانم راشد كمال، إبنة راشد باشا الفريق أول أركان حرب، والحكمدار لعموم شرق السودان، وقائداً لحملة الجيش المصري في حرب الحبشة وأريتريا في عهد سعيد باشا.. ووالد عفت ناجي هو موسي بك ناجي الطوبجي مدير مصلحة جمارك الأسكندرية، وينحدر من أصول كردية من عائلة خدمت في جهاز الدولة العثمانية بمصر الخديوية، وهو يمتلك عزبة في مركز أبو حمص وما تزال تعرف باسمه في محافظة البحيرة. وأخيها هو محمد ناجى الدبلوماسى والفنان الكبير وهو أول مدير مصرى لمدرسة الفنون الجميلة 1934م.

لقطة (12) : من هى عفت ناجى الإنسانة ؟ ……………………………………..

وعفت ناجي التي اقترن بها سعد الخادم هي إنسانة فنانة تأثيرية مثل أخيها الفنان محمد ناجى في تلك الفترة، وكانت أول سيدة في مصر تدخل أعمالها متحف الفن الحديث بالقاهرة عام 1928م، التحقت بأكاديمية “فيرانس” للفرسك بروما إيطاليا من عام 1947 إلي عام 1950. وفي فرنسا تتلمذت علي يد الفنان “ماليه” بباريس، وأيضاً الفنان المصور الأثري الفرنسي “أندريه لوت”، وبعد عودتها في عام 1950 بفترة زمانية.. تعرفت علي سعد الخادم وتزوج بها فى 14 أكتوبر 1954م .
ومما هو جدير بالذكر أن عفت ناجي كانت شاعرة من الطراز الأول، تكتب بالفرنسية، واستمعت إلى بعض من أشعارها الرومانسية الرائعة مع ترجمة بالعربية لمعناها. وهي أيضاً عازفة محترفة علي آلة البيانو، وكتبت عدة كونشيرتهات وسباعيات ورباعيات لهذه الآلة. ولها دراسات في التأليف الموسيقي. ويذكر الكاتب “محمد فتحي السنوسي” أيضاً أن لها عدة حفلات موسيقية للعزف براديو الإذاعة المصرية الملكية اللاسلكية عام 1937، .1939 وهذه الملكات جعلتها تقرأ ما بين السطور، وتسمع أبعد من الأصوات؛ وتغدو قادره في نهاية المطاف على إكتشاف متغيرات الحياة وأسرارها.

لقطة (13): زواج الصالونات بين سعد الخادم وعفت ناجى…………………..

لن أكتب عن عفت ناجي الفنانة أو الرائدة النسائية في حقل الثقافة المصرية. ولكن سأكتب عن السمات الإنسانية التى كانت تبحث عنها فى رفيق العمر. تلك السيدة قوية الشخصية الرقيقة والحانية في الوقت ذاته، المثقفة الحالمة والمتصوفة التي تحب الجوانب الغامضة والسحرية في الوجود وتحب البحر وأصوات النوارس.
تعرف سعد الخادم علي عفت ناجي شقيقة الفنان محمد ناجي وهو في سن الواحد والأربعين. المفارقة الجميلة أنها تكبره بثمانى سنوات وكأنها كانت تنتظر فارسها . وتم عقد قرانهما في يوم 14 أكتوبر 1954م، وكان شاهداً علي العقد الحقوقي سمير الخادم شقيق سعد، والفنان محمد ناجي شقيق عفت. ويمكن الكشف عن طبيعة العلاقة بين سعد الخادم وبين عفت ناجى من خلال الخطابات المتبادلة بينها وبين اخيها محمد ناجى والتى نشرها السفير القويضى فى كتابه ” الفنان سعد الخادم أرستقراطى شعبى الهوى.”
وفى بعض النصوص لعفت ناجي توضيح للمناخ الذي ارتبطت فيه مع سعدى، فهي تتحدث عنه لصديقتها وتصفه بالقول : “يحاول أن يجد لنفسه مكاناً في عام الشهرة، فهو إنسان خجول جداً بطبعه، لكنه يتمتع بهيئة مقبولة”. عفت . وفى جزء من نص آخر تقول لأخيها محمد ناجى :
أخى العزيز .. “دعيت لتناول الشاي لدي أخيه وزوجته السويدية.. استقبلوني بترحاب شديد، وكانت سميحة موجودة في هذا الاجتماع العائلي الودود. وقالت لي أن أخوه كان يريد أن يتعرف بي ويتأكد من مشاعري تجاه سعد..” عفت.
أخى العزيز .. “سعدي خجول جداً … أقدر جداً إستقامته ورقي مشاعرة..” عفت

لقطة (14) : خطبَة عفت ناجي هذا المساء …………………………….
الخطوبة هى من أجمل فترات العمر فهى لحظ اللقاء الذى تجد فيه الفتاة فارس الحلام يتقدم إليها ويسألها .. هل تجيئين معي إلى البحر؟
هل تهرُبين معي من الزَمَن اليابسِ إلى زَمَن الماءْ ؟ .. فنحنُ منذُ ثلاثِ سنينْ .. لم ندْخُلْ في احتمالات اللون الأزرقْ .. لم نُمْسِكْ بأيدينا .. أُفُقاً .. أو حُلُماً .. أو قصيدَهْ .
الشاعر .. نزار قبانى
وفي رسالة إلي أخيها في روما عام 1954م تقول عفت ناجى فى ليلة خطبتها:
أخي العزيز..
“هذا المساء كنت أتمني أن تشاركني سعادتي.. تواً سعدي وأنا تبادلنا دبل الخطوبة، خاتمي الذي أهداه لي سعدي من البلاتين المرصع بفصوص الماس. كما أهداني أيضاً طبقاً من الفضة به حلو “ملبس”. أنا مبهورة وسعيدة جداً..لكني أفتقدت وجودك معي في هذا اليوم، لكن كان معنا بعض الأصدقاء، وتناولنا الغداء معاً.. سعدي يغمرني بحنانه ومودته، لدرجة أني أشعر أني أعيش في حلم جميل بعيداً تماماً عن الواقع..” عفت

عفت ناجى تتحدث إلى أخيها عن الإعجاب بسعد الخادم بكلام صريح فتقول له فى رسالة:

أخي العزيز
” خطابك المؤرخ 20 أغسطس المكتوب يوم طلب الزواج، وكذلك الخطاب السابق له، فكلاهما وصلا في الوقت المناسب ليحملا تمنياتك الطيبة بالسعادة.. .. وكأنك كنت ملازمنا وتتابعنا عن قرب! سبحان الله، توارد خواطر. أما أنا فأقول عنها شفافية وطهارة قلوب متحابة بصدق. أشكرك علي تمنياتك الطيبة، سعدي إنسان راق جداً .. سيكون بالنسبة لنا صديقاً مخلصاً، وأخاً يمكنك الاعتماد عليه. لا نريد أبداً أن نراك تعيساً حزيناً ووحيداً .. بل سنكون باستمرار إلي جوارك لنحبك. ستجد عندي دائماً غرفتك وراحتك، وكل ما تعودت عليه من قديم الزمن. بالإضافة إلي مودتنا ومحبتنا لكلاكما. أرجو أن تستمتع بإقامتك في قبرص، واطرد عن ذهنك كل الأفكار السوداء. وأخيراً.. لا تتأخر في المجيء، فنحن نتحرق شوقاً لرؤيتك. أقبلك بشدة..” عفت

لقطة (15) : طعم الحياة .. خطاب سعد الخادم إلى عفت ناجى …………………

لن أصف تلك العلاقة التي بين سعد الخادم وعفت ناجي. ولكن سأترك لكم بعض النصوص لرسائل كتبت في ذلك الزمن الجميل، توضح تلك العلاقة الحميمة في زمن مضي، وترك في النفس أثراً لايمحي. ومن الوثائق التى نشرتها فى كتابى ” سعد الخادم الفنان المربى رائد الفنون الشعبيى” فى 21مارس1991 م وبأذن من الأستاذة عفت بالنشر ..خطاب فى 4 يونيو يقول فيها سعد الخادم :

عزيزتي ..عفت
“لم يصلني منك خطابات منذ بضعة أيام لعلك مشغولة غاية الانشغال بالمعرض وإعداده. فأرجو لك كل النجاح والتقدير الذي تستحقيه. بالأمس كان موعد افتتاح صالون الأتيليه، وافتتحه عبد المنعم هيكل بدلاً من الوزير، وسألني عنك. ولاحظ أن أسلوبك في التصوير قد تغير كثيراً عما كان عليه منذ أن زارك في منزلك بالأسكندرية بصحبة شقيقك. وقد طلبت إليه المقابلة فوعدني بعد إسبوع، وتقوم رغبتي علي مقابلته في سؤاله أولاً عن مرسم ناجي وما تم بشأنه، ثم أخبره بأن الوزارة سبق أن وافقت علي سفرك علي نفقتها لاصطحاب المعرض ثم تراجعت، وأفادت بأن المبلغ المتبقي من الكتالوج سوف يسدد منه نفقات السفر. وأخيراً تبين أن المبلغ لا يتجاوز 25 جنيه.. الأمر الذي لا يمكن الاعتماد عليه على الإطلاق. وسوف أتقدم بمذكرة إليه أطلب فيها مراجعة الموضوع، توطئة لسداد قيمة النفقات كاملة كما أشارت بذلك الوزارة. ولقد تقابلت في المعرض نفسه مع يحي حقي وطلب إلي أن أعاونه في المجلة إذا أصبح رئيساً لتحريرها، بدلاً من الدكتور علي الراعي. وعرض علي أيضاً القيام بتنسيقها بدلاً من عبد السلام الشريف، وسوف نتقابل صباح الأربعاد القادم للتفاهم في هذا الموضوع، وهو يخشي أن لا يتسع وقتي للقيام بهذه الأعباء. وقد سألني أيضاً عنك وطلب إلي أن أبلغك سلامه وسلام زوجته. لقد تحدث إلي أيضاً بالأمس أزار وأخبرني بأن مشاقة يزمع إقامة معرض عن الفن في عهد الثورة، علي أن يتقدم كل فنان بلوحة واحدة، ويقام المعرض يوم 23 يوليو فوافقت علي إشتراكنا، وكذلك الإسهام بلوحة لشقيقك في هذا المعرض. لقد أرسلت سيارتك اليوم للإصلاح، وإزالة الكربون المترسب علي محركها وذلك ليتسني لي السفر بها إلي الأسكندرية لتجديد رخصتها. فربما كان هذا يوم الخميس القادم، إذ أنوي السفر من القاهرة صباح الخميس في ساعة مبكرة، ليتسني لي اتخاذ إجراءات الرخصة. وإذا أمكنني أعود في مساء اليوم نفسه، أو علي أكثر تقدير في الصباح المبكر ليوم الجمعة. والسبب في هذا التسرع هو أني أمامي امتحانات المعهد، ويتعذر علي ترك الكنترول والتغيب عنه أكثر من 24 ساعة. ولقد سبقني اليوم إبراهيم إلي الأسكندرية لييسر علي الأمر، ويتصل بعلي رضا ليعاونني علي ذلك. مسألة سمير ما زالت بدون جديد، ولو أننا نتوقع شغلة وظيفة جديدة بين حين وآخر. وهذا بعد عناء كبير وجهود لا مثيل لها. إني أتوقع أن يصل هذا الخطاب في موعد افتتاح معرضك فلذلك أبادر بتهنئتك به وإن شاء الله يكون مباركاً عليك. اليوم عيد رأس السنة الهجرية، فكل سنة وانت طيبة. إني في أجازة اليوم وقد قضيتها في تصحيح أوراق الامتحانات، الجو هنا بدأ يحتر بشكل ملموس.

تابع :صفحة أخرى من الخطاب طعم الحياة …………………………..

بالأمس تبين لي أن قطتك أصيب بمرض الجرب وذلك باختلاطه بالقطط الأخري في الحديقة، ولذلك دهنت له مواضع الإصابة بدواء خاص بهذا المرض اشتريته. أما باقي القطط فيبدوا أنهم لم يصابوا حتي الآن. إني أنتهز فرصة سعة الوقت بين حين وآخر وأواصل الكتابة في كتابي الخاص بالتقاليد السحرية والفن الشعبي، وربما نشرت الجزء الأخير منه كمقال في مجلة المجلة. لقد صممت علي الإسهام بلوحتك الخاصة بعباس بن فرناس لمعرض 23 يوليو. لم تصلني حتي الآن قيمة اللوحة التي اشترتها وزارة الثقافة من معرض مشاقة. هذا وقد ذهبت منذ يومين إلي بنك مصر حيث أرسلت لك آخر مرتب تستحقينه وقيمته 75 جنيهاً، أظنها ستصبح حوالي 133 ألف ليرة إيطالية. انك وحشتيني جداً، فأرجو أن تعجلي في عودتك إلي هنا، وتفكري في وسيلة للتعجيل بإقامة معرض شقيقك. لم أتصل بمصطفي ناجي منذ زمن طويل أي منذ خروجه من المستشفي. وكانت زوجته قد طلبت إلي زجاجة عطر المسمي مرأة، هذا وفقاً لحديث زوجها مع صلاح. لقد تقدمت باسمك إلي جمعية الفنون بطلب العضوية، فأرجو ألا تمانعي في هذا الإجراء. أما خديجة فلم أقابلها منذ أن سلمتني الأمانة فلم تحضر افتتاح معرض الأتيليه. تقابلت أيضاً مع زينب عبده لأنها ندبتني في معهدها لوضع أسئلة بعض الامتحانات، وسألتني أيضاً عنك، اتطلع بشغف إلي نهاية مشاغلي بالمعهد للتفرغ للكتابة والذهاب إلي مكتبة صديقنا بالزمالك. هذه يا عزيزتي هي أخباري. لقد صدرت في هذا الأسبوع مجلة المعهد وفيها مقال لي. والمهم أن الطلبة تحدثوا فيها عن سيارتي الصغيرة وآرائي في الفن، وكتب فيها أبو خليل نبذة عن ساقية عبد الرسول، وكيف أنها كانت موضع اهتمام الطلاب والأساتذة في رحلة الأقصر، وأن الجميع صورها. وأنك أنت صورتي صورة باسم عفريت الساقية. فلعلها تحوز إعجاب الجمهور في معرضك. سألني بقطر بالأمس عن أخبار معرضك فوعدته بالاتصال به بمجرد وصول أي خبر عنك في هذا الشأن. الجميع هنا يبعثون إليك بأخلص تحياتهم، فقد أوصاني خالي بضرورة إهدائك سلامه وسلام زوجته. أتركك بعد هذا الموجز من أخباري راجياً لك مرة أخري أكبر نجاح لمعرضك. فإني علي يقين بقيمته الفنية. فإلي حين خطابي المقبل، أبعث إليك بأحر قبلاتي وأشواقي.”.
زوجك المــخلص .. ســـــــعد

لقطة (16) : الحياة فى خطاب مفتوح من سعد الخادم إلى عفت ناجى……….

ومن الخطابات التى نشرت فى كتابى ” سعد الخادم الفنان المربى رائد الفنون الشعبية” بتصريح من عفت ناجى ها أنا أنشر واحدة منها وهو خطاب من سعد الخادم إليها فى روما, أنشره كاملاً لنعيش أصداء الحياة وضجيجها بينهما مرة أخري .. تقول الرسالة:

عزيزتي .. عفت.
وصلتني خطاباتك وآخرها تخبريني فيه بعودة صلاح كامل من فينيسيا، ورغبته في مشاهدة المعروضات الخاصة بك قبل إقرار المعرض. رجائي أن يكون موعد المعرض قد تحدد بالفعل، وأنك تقومين بنقل المعروضات إلي القاعة. لقد تقابلت مع طاهر في الأيام القليلة الماضية.. وكنت أود أن أهديه صورة من صوري ولكن تعذر عليه مقابلتي مرة ثانية.. لا لشيء سوي أن أقاربه تهافتوا عليه بالعزائم والولائم بين القاهرة والأسكندرية، الأمر الذي استحال معه مقابلة أصدقاءه، وسوف يرسل لك خطاب بعد قليل. ويبدو أنه وعد العفيفي بمقابلته ثم اعتذر له عن ذلك لكثرة ضغط أسرته عليه. تصوري أني ما زلت أنتظر نقود الأوفرتايم وقد قاربت أن تمر عليه سنة. ولذلك تراني أذهب كل يوم للمعهد عسي أن أصادف بشري بصرف الأشهر المتأخرة. وفي أثناء زياراتي اليومية لعملي تقابلت مع عبيد الذي حدثني عن جار له يهوي تربية النحل، ويستخرج منه الرويالي جيلي الذي تتهافت الطلبات عليه. ومنذ ما يقرب من شهر أو يزيد أبديت له رغبتي في شراء كمية فوعدني بعد فترة. وفي اليوم المحدد لتسلمها اتضح أنه باعها لغيري.. وقد أمكنني أخيراً بعد إلحاح متواصل الحصول علي كمية خلطها بعسل نحل اشتريته من البائع نفسه، ولكن عسل نحل لا نظير له في الطعم والرائحة يفوق حتي الوارد منه من الخارج، ووضعت بعد عملية خلط طويلة البرتمانات في الثلاجة حتي لا يفسد الجيلي، رغم أن العسل حافظ له. وما أن انتهيت من هذا حتي بدأت العلاج وانتظمت في تناول جرعة في الصباح وأخري في المساء. وقد تكفيني البرتمانات حوالي شهر، وقد تظهر آثار هذا الدواء بعد أسابيع ولكن.. كل ما شعرت به حتي الآن هو النوم بمزيد من الراحة دون قلق أو اضطراب كما كان حالي قبل ذلك. خرجت مع بقطر وزوجته في الأيام الماضية وذهبنا إلي عمر الخيام. وقد وصله خطابك، ويرجو أن تسمح ظروفك بالذهاب بصحبته إلي سويسرا لإقامة معرض مصغر لإنتاجك أو معروضاتك، يقام أثناء إلقائه محاضرتين أو ثلاثة هناك.. وسوف يدفع له مكافأة عن المحاضرات ولكن لا يدفع له قيمة السفر والإقامة. وقد قبل علي أمل أن يقابل أجر المحاضرات نفقات السفر والإقامة، أو علي الأقل الجزء الأكبر منها.

تابع :صفحة أخرى من الخطاب المفتوح ……………………………………….

أما بالنسبة إلي المعرض فأعتقد أنه سوف يعامل معاملة المحاضرة، وبذلك يقابل نفقات الانتقال والإقامة. علي كل فهو يزمع السفر إلي روما في بداية أغسطس. اتصلت تليفونياً بنوال فأخبرتني أنه وصلها خطابك، والظاهر أنك نسيتي عنوانها.. وهو خطاب قديم أرسلتيه علي ما يبدو عقب وصولك لروما، وسوف أقابلها بعد ظهر غد. وهي الأخري تنوي السفر علي نهاية الشهر الحالي. الشيخ أحمد اتصل بي تليفونياً وسألني عنك وأخبرني أنه أسف لعدم مقابلته لك قبل سفرك، وسألته عن الزراعة فأخبرني أنها علي ما يرام. ثم سألته عن سبب تأخر المشترين في التوقيع علي عقود البيع التي في حوزة المحامي بالأسكندرية، فوعدني بأنه سوف يصطحبه إلي هناك للتوقيع علي العقود.. لقد طالبني طبيب الأسنان بمبلغ خيالي علي طقم جديد عمله لي.. تصوري أني ذهبت إليه ومعي حوال 15 جنيه، علي أن يخبرني بقيمة الأتعاب حوالي 12 أو 14 علي أكثر تقدير.. وإذا به يطالبني بمبلغ 45 جنيه، فكدت أن أسقط من شدة المفاجأة. علي العموم.. سددت له الخمسة عشر، ورجوته بالنسبة للباقي الانتظار لبعض الوقت. هذه بين المفاجآت غير السارة التي صادفتني مؤخراً.. سطوحي تقدم بطلب سفر إلي ليبيا وتونس والجزائر والمغرب.. وذلك لدراسة بعض الحرف المتصلة ببحثه. وبالأمس تقابلت بالمعهد مع طالب بالسنة الثانية ينوي القيام بهذه الرحلة نفسها.. وقد سافر اليوم، وطلبت منه أن يتصل بسطوحي لعله يقابله هناك.. أما عن أخبار لولو فهو بخير وقد أحضر له إبراهيم قطة من الحديقة ظل متلهفاً عليها بشكل جنوني، اضطرني إلي إعطاءه بعض أقراص منومة ليستكين، ولكن علي الرغم من هذا ظل يصيح بصورة متواصلة. علي فكرة.. لقد أرسلت لك في خطاب سابق موافقة إدارة النقد علي معرضك..

فأرجو أن تكون وصلتك. علي العموم لقد صورتها خشية ضياع الأصل.. فإذا كانت الموافقة قد ضلت سبيلها.. يمكنني أن أرسل لك صورة منها. تقابلت بالأمس مع سيد عبد الرسول في المعهد، وأخبرني أنه في طريقه للسفر إلي إيطاليا، وأنه يسهر بالأكاديمية علي ما أعتقد هو وزوجته. كذلك كما أخبرتك قبل ذلك سوف يسافر مجموعة من المعيدين بالمعهد منهم محروس وزوجته التي تدرس عندي في الدراسات العاليا، وتصنع عرائس. وقد يسبقهما فرغلي هو وزوجته، ثم هناك مجموعة أظنها تسافر في رحلة المعهد إلي إيطاليا مع سيدة، ولعلهم جميعاً يصادفون معرضك الخاص بالأزياء. تحدثت بالأمس مع الرزاز فأخبرني أن صدقي قد عاد من السفر وتحدث معي وأعطاني بعض أخبارك. أما عن الملاخ فأظني أخبرتك في خطاب سابق أنه نشر أخبار معرضك، وحينما طلبت منه إنزال الخبر طلب مني بعض صور فوتوغرافية عن المعروضات، فأرسلت له بالفعل ذلك بعد نزول الخبر دون صور، فربما نشر الصور بعد حين. كذلك الأمر بالنسبة إلي العطار الذي أذاع الخبر في برنامجه في الوقت نفسه تقريباً الذي أنزل فيه الملاخ خبر المعرض. هذه يا عزيزتي أخباري في سطور.. وأرجو أن تكوني في أتم الصحة. فإلي حين خطابي التال.. أبعث إلك بأحر القبلات والأشواق..
زوجــك المـــخلص .. ســـــــعد.

لقطة (17) : رثاء النفس مع عفت ناجى لزوجها سعد الخادم ………………..

عفت ناجى كانت إنسانة مخلصة وفية لتاريخ زوجها أمينة على تراثه. ذلك الزوج التى عاشت حياتها بجواره تستمد من القوة والمشورة ويجمع بينهما حب المعرفة والإبداع والعمل الدؤوب .. وها أنا أنشر عليكم خطاب مؤثر فى تأبين زوجها سعد الخادم باللغة العربية ونشر فى كتابى “سعد الخادم الفنان المربى رائد الفنون الشعبية” عام 1991
وها هو رثاء عفت ناجى .. لزوجها المفكر العالم سعد الخادم فى 21 مارس عام 1991م. حيث تقول:

رؤيتي سعد الخادم……………………………………………………………

“يسعدني أن أتكلم في هذه اللحظة التاريخية في حياتنا الثقافية، إنها لحظات ذات معان في تاريخ الأمم تتكتل فيها الأحداث وتتكاثر للنهوض في وثبة واقتدار … جراح قد التأمت في لحظة تاريخية.
رسالة سعد الخادم مقنعة تتألق وتتماسك في رنات واضحة … لمسات موثوقة بالمعرفة، حرارة تلقيناها وتملكناها في الحدود الموعودة. “فالعلم في أسواقنا رنان، وبحور المعرفة زاخرة”. ابن خلدون
كانت لسعد الخادم عقيدة ملموسة، تصرفات واكتشافات وابتداعات متواصلة.. أمكن لهذا الفنان القدير العطاء في وثبة كريمة. وبإشارة مقتضبة في غضون قيم لابد منها. كان يرفض الاختيار المصطلح، وهذا يشمل ناحية مكتملة رفيعة، حالة تصوف تشمل بحوثاً وإنجازات وتسجيلات لها مقايسها وأبعادها، هيمنت علي الشكل ونواته ونشوءه، يضاف إليها حسابات دقيقة.. تعاليم ذات قدرة تتضامن بإيمان في مسيرتها الحضارية.
كان له تصور واسع الأفق قد يجعلنا قادرين علي رؤية عالم له لغته ومواصفاته في الخط والإنشاء … كان ينظر إلي ما يكنه التاريخ من أساطير فياضة تسبح في أعماق حياتنا فيمكنه أن يقول: لم يكن مكان في العالم إن لم أكن قد رأيته وأعطيت له كل ما أمتلك. تحت آثار متوهجة كان عليه أن يصعد إلي المنبع ليلتقي بتراث يتأرجح بين التاريخ والحاسة الشعبية الأصيلة. نظام يحرك مشاعرنا ومجري تصرفاتنا وانفعالاتنا. كان أيضاً يمكنه أن يقول:”كانت حملات وهجمات خلال أزمة هبوط كانت ملامات وشرائع وأصوات مزعجة ولكننا ننتمي إلي أساطير الحياة .. نحن عالمين برسالتنا .. نحن دارين بتمردنا .. وبثورتنا .. نحن نتعايش في معركة ضوضاء، تلك الملحمة التي نخوضها تنادي إلي آفاق يتألف فيه لحن مشحون بعظمة البناء.” ففي ساحة العمل، أمام كتل ومسطحات وفيرة، أيادي عامرة تخطط ولا تستند إلي وسيلة التضليل.. بحوث مقارنة، علاقات تنحصر في إمكانيات العصر.. فاستمعناها وتقبلناها أمام نفوس تشتعل وتضيء بمداد ذهبي.. يستخرج النظم الحسنة من زفرة مزمار.. علاقات مقارنات تتآزر تفتح لنا إمكانيات لا حصر لها رأيناها في تراث أسلافنا وعلماءنا.
هذه رؤي جمعتنا اليوم ووحدتنا في رحلة مشتركة. سعد الخادم معنا بقدر ما كان لفنه وعلمه وتلاميذه ومحبيه، وهم اليوم يشاركونني في الوفاء لذكراه الحبيبة الكريمة.. شكراً للسادة الوزراء، والعمداء، وجميع من حضر في هذا الحفل الشيق.” عفت ناجى .

وفى النهاية : تتوقف لقطات الحياة .. وها نحن كتبنا عن بعض منها ومن ثم توقف الزمن على الأحداث أو الأشخاص لنتذكرهم .. فالتذكر وجود والوصف وجود والرثاء بالكلام خلود. يقول الشاعر أحمد شوقى..
فارفـع لنفســك بعدَ موتــكَ ذكـرها … فالـذكرُ للإنســـان عُمرٌ ثـــــاني.

دكتور : رضا شحاته أبو المجد كاتب .. وباحث أكاديمى من مصر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة (1) :الصورة الفوتوغرافية المصاحبة للنص للملكة فريدة بنت خال سعد الخادم.
ملحوظة (2) : أن النصوص الواردة للخطابات المتبادلة فى النص فى الفترة من 1935 إلى 1945 ، كان مصدرها الكتاب الوثائقي والمعنون باسم “الفنان سعد الخادم أرستقراطي شعبي الهوى” والصادر عن دار نشر الثقافة ، محرم بك، الإسكندرية ، 2015م. للكاتب السفير يسرى القويضى له جزيل الشكر.
ملحوظة (3) أن النصوص الواردة لخطابات سعد الخادم والرثاء للفنانة عفت ناجى كان مصدرها .. الكتاب التذكارى .. سعد الخادم الفنان .. المربى .. رائد الفنون الشعبىة فى مصر .. إصدار كلية التربية الفنية 21 مارس1991 للكاتب د . رضا شحاتة أبوالمجد.

https://www.facebook.com/noses1989/ العطر فى أنقى صورة.. أفضل ثبات وفوحان ..noses عـطور أونلاين ستغير فكرتك عن تركيب العطور.. تستحق التجربة
Related Posts

مقال قديم عن ف . س. نايبول يكشف غربته وانعدام جذوره وكراهيته للإسلام

التعليقات على مقال قديم عن ف . س. نايبول يكشف غربته وانعدام جذوره وكراهيته للإسلام مغلقة

بالفيديو: بمبادرة شخصية”ترك” طبيبة مصرية تلف المحافظات للتوعية ضد كورونا

التعليقات على بالفيديو: بمبادرة شخصية”ترك” طبيبة مصرية تلف المحافظات للتوعية ضد كورونا مغلقة

بينهم امرأة واحدة.. أهم 10 كتاب فى الأدب الصينى الحديث

التعليقات على بينهم امرأة واحدة.. أهم 10 كتاب فى الأدب الصينى الحديث مغلقة

حسن غريب يكتب: أهم الملامح الفنية والجمالية في ديوان (بدون تصريح ) للشاعرة إيمان معاذ

التعليقات على حسن غريب يكتب: أهم الملامح الفنية والجمالية في ديوان (بدون تصريح ) للشاعرة إيمان معاذ مغلقة

الدكتور رضا شحاته يكتب: عشرة رسائل إنسانية عن الرائد سعد الخادم(١)

التعليقات على الدكتور رضا شحاته يكتب: عشرة رسائل إنسانية عن الرائد سعد الخادم(١) مغلقة

د. إيناس عبد الدايم فى نعيها للدكتور يسري العزب: من أهم مبدعي شعر العامية وحبيب أدباء الأقاليم

التعليقات على د. إيناس عبد الدايم فى نعيها للدكتور يسري العزب: من أهم مبدعي شعر العامية وحبيب أدباء الأقاليم مغلقة

د. محمد أبو الفضل بدران يكتب: الحلاج المفترِي والمفتري عليه

التعليقات على د. محمد أبو الفضل بدران يكتب: الحلاج المفترِي والمفتري عليه مغلقة

وزارة الثقافة تنعى الكاتب الصحفي الكبير لويس جريس

التعليقات على وزارة الثقافة تنعى الكاتب الصحفي الكبير لويس جريس مغلقة

الرسالة (3) : د. رضا شحاتة يكتب: المرئي واللامرئي .. فى بيت سعد الخادم .

التعليقات على الرسالة (3) : د. رضا شحاتة يكتب: المرئي واللامرئي .. فى بيت سعد الخادم . مغلقة

د.رضا شحاتة يكتب الرسالة (8): سعد الخادم .. والمقاومة للمستعمر الجمالى الجديد

التعليقات على د.رضا شحاتة يكتب الرسالة (8): سعد الخادم .. والمقاومة للمستعمر الجمالى الجديد مغلقة

تكريم جبريل وسيد خطاب وابو بكر يوسف فى مؤتمر أدباء القاهرة الكبرى

التعليقات على تكريم جبريل وسيد خطاب وابو بكر يوسف فى مؤتمر أدباء القاهرة الكبرى مغلقة

فوزية مهران ..إعلان الحب ولغة البرق ..رجل رصين وامرأة تقكر

التعليقات على فوزية مهران ..إعلان الحب ولغة البرق ..رجل رصين وامرأة تقكر مغلقة

Create Account



Log In Your Account