د. رضا شحاتة يكتب الرسالة (5) : سعد الخادم .. المؤلف .. والمفكر الموسوعى .. عليك التحية

د. رضا شحاتة يكتب الرسالة (5) : سعد الخادم .. المؤلف .. والمفكر الموسوعى .. عليك التحية

د. رضا شحاتة يكتب الرسالة (5) : سعد الخادم .. المؤلف .. والمفكر الموسوعى .. عليك التحية

التعليقات على د. رضا شحاتة يكتب الرسالة (5) : سعد الخادم .. المؤلف .. والمفكر الموسوعى .. عليك التحية مغلقة

.

فى البداية .. أريد أن أكتب مقدمة طويلة ونتفق على الحد الأدنى فيها.
نحن بحاجه إلى المصارحة إلى درجة الصدمة نحن بحاجة إلى نزع السرية عن مشاكلنا والاعتراف بها .. ونحن بحاجة أيضاً إلى الكلام عن المسكوت عنه فى تاريخ حركة التشكيل المصرى . عبر القراءة فى كتابات سعد الخادم.

مقدمة (1) : الكلام المسكوت عنه فى حركة التشكيل المصرية.

يرى سعد الخادم .. أن الفن كان دائماً منذوراً لتحرير النفوس من العبودية والخوف .. والفن ليس رفاهية بل ضرورة للناس الغلابة إن الفن الذى لا يسكن قلوب البسطاء من الشعب ويتماهى مع أحلامهم لا قيمة له ولا هوية له .. فالهوية تأتى من الصك الذى يعطيه الشعب لنا .. أتذكر أغنية محمد منير .. كلمات شريف محجوب ، أنا قلبى مساكن شعبية :
الشــعب حبيـــبى وشريـــانى أهدانى بطاقة شخصية
الإســم الكامــل إنســـان ،الشـــعب الطيــــب والديـــا
المهـنـة بنــاضل بتــعلم تلــميذ فى مدرســـة شـــعبية
المدرسة فاتحة على الشــارع والشارع فاتح فى قلبى
وأنا قلبى مساكن شـعبية .. وأنا قلبى مــساكن شـعبية

وبعد أصداء هذه الأغنية المُعَبـرَهْ عن ضمائرنا .. أتساءل ماذا يؤلمني.؟

وأقول .. ما جدوى هذا الفن الذى لا يستطيع أن يصل إلى الناس . ما جدوى هذا الفن الذى لا يستطيع أن يفجر فى هذا الشعب لوحة تماثل فى ذيوعها وانتشارها مطبوعة أبو زيد الهلالى والزير سالم التى كانت تباع للعامة فى الأسواق .. ما جدوى هذا الفن الذى لا يستطيع أن ينتج لنا منحوتة فى يد الأطفال الصغار تباع على عربات الكارو فى الأرياف مثل شكوكو أو سميحة بالأزايز. بدلاً من إستيراد العرائس من الصين لقد تم تدمير الفن المصرى المعاصر فى أربعة من العقود الماضية .

اسأل نفسك .. لماذا يحترم العالم تجربة الحرانية فى الإبداع .. لماذا كان فى يوماً ما يصدر “التلى” المصرى من أسيوط إلى كافة أرجاء الدنيا لماذا أستخدم بيت أزياء كريستن ديور التلى الأسيوطى فى صنع أزياء نجمات هليوود .. هل تعرف إسم الفنانة الحرفية المصرية التى أنتجت زخارف التلى للفستان الذى ارتدته الممثلة الأمريكية باربرا سترايساند.. Barbra Streisand .. محنة الفن يا عزيزى أنه اختزلَ فى الفنون الجميلة.

لماذا لا نكون مبدعين فى مستوى البسطاء فى هذا الوطن ؟ لماذا نتمثل فكرة الفن بهذا الاستعلاء على الناس ؟. أكاد أجزم أن حركة الفن التشكيلى فى مصر لم تعرف إلتباس أو زيغ بخصوصية دورها وأهدافها وروافدها كهذا الذى تواجه اليوم .. يجب إعادة النظر فى المفاهيم والأساطير المؤسسة لحركة الفن التشكيلي بمصر والتى نتداولها ونعيش فى أوهامها كأنها مسلمات .. ويجب إزالة هالة القداسة التى يضعها بعض الفنانين بيننا فوق الرؤوس .. فبعد قرابة قرن من الكلام عن الهوية خدعوك فقالوا أن حركة الفن التشكيلى فى مصر هى حركة طليعية ومعاصرة تواكب الحداثات فى العالم الغربى ..

أعتذر وماذا يُفيدُ لَوِ اعتَذَرْ ؟

أعتذر(1)
يا صديقى أنت تفتخر بأنك تابع منهزم ومسحوق مستهلك للأفكار نحن نريد أن ننتج المعرفة والجماليات والتيارات الفنية المرتبطة بالذات وبالوطن ويتلقاها منا الآخر. نحن نريد حداثة عربية ثانية لنا لا نريد أن نكون صامتين مثل الخدم فى الروايات الإنجليزية نريد أن ننتج المصطلح فى الفن فالمعرفة الجديدة تنتج إصطلاحها كل ما نفعله فى الحياة هو الأنتظار للمصطلح الجديد القادم لنا من الغرب ثم نتشدق به لنبدو بأننا حداثيين.

أعتذر (2)
لقد تحولنا إلى ناس صامتين معرفيا لا صوت لنا الذى يتكلم هو العقل الغربى وعندما يتحدث فهو يتحدث عن ذاته هو وقضاياه وإشكالياته هو. لا نريد أن نكون تابعين ما هذا الفخر الذى ينتاب البعض منا بأنه ما بعد حداثى يدور حول مركزية الثقافة الغربية ويتبنى آخر منتجاتها أهذا هو نموذج العولمة الذى يجب أن نسير وراءه وكأننا عربة السبنسة التى تتجرجر مترنحة خلف قطار الهيمنة الغربية .. هذا العالم الذى تتشدق بفكره وتدعى أنك تساهم فى حركتة الإبداعية كالند يقول لك إخرص !
لا يوجد لك فنان واحد من أفضل مائة فنان معاصر حى فى التصنيف العالمى.
بالقطع لا أعترف بهذه التصنيفات والمؤسسات المشبوهة التى تديرها لكن هذه بعض من نظرة الغرب العنصرى إلينا .. وأنا أعتقد وبصدق أننا لدينا فتاتين بشكل فردى من الشباب والكبار المبدعين أهم من أعلام الفن المعاصر فى أوربا وأمريكا.

المقدمة (2) : الفن والحق فى التعبير لكل الناس.

يا قارئي فى البداية نحن لا ندعى تقديم وصفات كاملة خاصة بحل المشاكل كل ما نفعله هنا هو تحريك الوعى. وتدشين رؤية محرضة تهز الطبقات العميقة للمفاهيم الثابتة عن صورة الفن وحقوله المعرفية داخل خطاب حركة التشكيل المصرية .. وإذا كنا نريد حداثة عربية ثانية حقيقية تخاطب عامة الشعب تلك الفئة العريضه التى تركت بدون فن ونطالب بحقها فى التعبير عبر صيغة فنية تفتح الباب لهؤلاء الناس الطيبين الأكثر بساطة للفرح بعد أن ضاق بهم الحال وخيم الحزن والكآبة على الوجوه. إذاً فى إطار هذا الطرح علينا البحث عن أفق آخر من التعبير الجمالى بعيداً عن الغموض وقضايا الرمز وأشباح السريالية وفن الهروب من واقع الناس .. نريد فن لا يتعالى على مطالب الحياة لكى تتجاوب هذه الفئات من الشعب معه.

وفى هذا السياق أريد أن أقول هناك صيغ جمالية تقليدية ثورية مسكوت عنها ربما تفتح أفق آخر من التعبير وتحل الإشكالية وهى تنبثق من التآزر بين الفن والحرفة الذى يمكن أن يشكلا معاً منتج فريد من الأعمال الفنية الشعبية نابع من الحاجة الإنسانية وباستخدام أنواع جديدة من التكنيك يقوم بها ما اصطلح بتسميته الفنان الحرفى فى إطار ما يسمى بحركة الفنون والحرف اليدوية.
أريد أن أتحدث عن حركة الفنون والحرف الموازية للفن الحديث والمسكوت عنه فى
تدريس تاريخ الفن الغربى بمصر.

لقد خرجت حركة الفنون والحرف للوجود عندما انفصلت الفنون الجميلة عن الفنون والحرف التقليدية بعد إنشاء الأكاديمية الفرنسية الملكية للتصوير والنحت عام 1648 وأكاديمية الفنون الجميلة فى إنجلترا عام 1768 وقبل هذا التاريخ كان لا يمكن التمييز بين الحرفى والفنان وبين ماينتج لهدف جمالى أو ما ينتج لهدف نفعى بين ما يتطلب المهارة والدقة وبين ما يتطلب الإبداع والخلق. وقام على أثر ذلك الانفصال كيان فكرى جديد سمى بحركة الفنون والحرف بدأ رسمياً فى أنجلترا عام 1910والتى قادتها مدرسة شيلسى للفنون والحرف التى تخرج منها سعد الخادم.

لقد خفت صوت الحرف الفنية اليدوية ولم تلقى إحتراماُ مع ظهور الفوردية” Fordism” وخطوط الإنتاج مع الثورة الصناعية وخاصة فى بداية القرن العشرين .. إلا أن كتابات رسكن ” 1819 ـ 1910″ ووليم مورس ” 1834ـ 1896″ قد بشرت بحركة الفنون والحرف من جديد وكانت دعوتهما مشوبة بالرومانسية بدافع الحاجة الى القيم الروحية الإنسانية فى ظل هذا العالم المادى. وتتابع هذا الفكر وتطور بموازاة مع ظهور مدرسة الفن الجديد والـ دى ستيل والباوهاوس فى أوائل الثلاثينات. وبعد الحرب العالمية الثانية عام 1940 انتقل مركز الثقل لحركة الحرف وتفرعت فى الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت هذه الحركة ثورة على النهج المفاهيمى الذى سيطر على الفنون الغربية الحديثة بداية من القرن العشرين.

ويرصد سعد الخادم وتلامذته ..حركة الفنون والحرف فى مصر التى نشأت فيما أعتقد بشكل حقيقى مع تدشين المدرسة الإلهامية عام 1911 والتى أنشئتها الأميرة أمينة إلهامى بشارع الفلكى 20 باب اللوق وأشتهرت بتشجيعها الكبير للحرف التى فى طريقها للأندثار نتيجة لانتشار المشغولات والصناعات الحرفية الأوربية . وفى هذا الصدد أشتهرت مؤسسات المجتمع المدنى بالاهتمام بهذا النوع من الفنون التقليدية وظهرت المدارس الحرة ونذكر منها مشاغل هدى شعراوى لأحياء الحرف النسوية الشعبية 1923جمعية العروه الوثقى بالأسكندرية عام 1906.. المدرسة الإسرائيلية الصناعية لتعليم الحرف بالأسكندرية .. جمعية التوفيق القبطية عام 1904.. وهذا النوع من التعليم مختلف عن فلسفة الفنون التطبيقية الآن فالمشغولات الحرفية التى نتحدث عنها تتميز بالسمات الآتية.

(1) : لا يمكن عزل المشغولة الفنية الحديثة عن ميراثها الشعبى وتقاليدها الموروثة عبر تاريخها الطويل الذى أعطاها الخصوبه وأضفى عليه الروح الإنسانية السارية فى المخيال الجمعى .
(2): يجب ألا تفقد المشغولة الحرفية هذا الحس الإنسانى الذى تدمره الميكنة عبر تقسيم العمل الفنى إلى أجزاء فى خطوط الإنتاج. ومن ثم تفقد القيم الروحية الناتجة من صيرورة الأجزاء نحو الكل.
القضايا والإشكاليات التى تطرحها مؤلفات سعد الخادم.فى مجال الفنون الشعبية كثيرة وشائكة وثورية ارتبطت بثقافة الهامش إذا ربطت بزمانها .ولكن قبل أن نتناولها بالتحليل نسأل

لماذا نكتب الكتب؟
نكتب للتعبير عن الصور والأفكار التى تجول بخاطرنا .. ومن ثم تخرج إلى حيز الوجود .. نكتب لأننا نؤمن بأن هناك أفراد على الجانب الآخر من يقرأ ويتأثر ويغير الواقع فالكتابة تصنع الحياة وتعطينا الأمل فى المستقبل. والكتب تنقل المعانى وتهز النفوس بالمعرفة ومن المفارقة أن ثقافة الكتابة والكلمة ما تزال قادرة على تغيير وجه العالم.

ما أريد قوله هنا .. لقد أضاء سعد الخادم بكتاباته عن الفن الشعبي أرواحنا بالنور باعتباره نشاطاً إنسانياً يحمل المعني وتكمن فيه روح الشعب وهويته الوطنية والهوية التى نتحدث عنها هى هوية تفتح وأتصال وتوثب وليست هوية تماهى فى الآخر الغربى .. وعزاؤنا الكبير أن سعد الخادم استطاع أن يطرح الكثير من الإشكاليات والقضايا علي نحو واضح من خلال مؤلفاته في فى ظل تفجر الحداثة الغربية بالعالم فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وفى هذا المناخ ترك أثره الذي لا يمكن تجاوزه على تاريخ حركة الفنون والحرف الشعبية فى مصر والوطن العربى.
السؤال الوجودى المزدوج الذى يطرحه سعد الخادم علينا دائماً فى كتاباته.

س .. كيف سنجد ذواتنا ونتحرر من تلك الهيمنة للمركزية الغربية، في ظل هذا الانسحاق للثقافات والهويات؟.
س .. كيف سنخرج من دائرة إمبريالية الثقافة الغربية الجهنمية شديدة الإحكام والسيطرة، التي تعلب وتصدر لنا المعرفة والتكنولوجيا والجماليات كعبوات للاستهلاك المحلي؟.

لقد حافظ سعد الخادم علي روحه الشرقية دائماً برغم تخرجه من مدرسة شيلسى للفنون والحرف بلندن عام 1939، وكان مخلصاً لنداءه الداخلي الذي يسعي نحو الهوية .. ولم يخن أبداً هذا النداء. فوقف في كتاباته ضد عملية التنميط للإحساس في الفن. وكانت لديه القدرة علي كشف القناع عن الغزو الجمالي والفكري للرؤية والوعي. وكانت لديه القدرة أيضاً علي المقاومة والكفاح ضد ما يعرف الآن بالعولمة والمركزية الغربية. ويتضح ذلك بصورة جلية فى كتابيه , مؤامرة الاستعمار ضد تراثنا القومي , والفن والاستعمار الصهيوني.

سعد الخادم كان مهموماً بالتراث الفنى ليس من أجل نزعة الحنين إلى الماضى “النوستالجيا” ولكنه كان يتواصل مع الماضى من أجل الوعى التاريخى ومن منطلق أن الحاضر استمراراً له , ومن أجل الادراك التفسيرى للعديد من القضايا والمشاكل التى تعانى منها حركة التشكيل فى الحاضر والتى لها حلول معاصرة فى الماضى.
لقد انصرف سعد الخادم منذ أن كان شاباً إلي الكتابة والتأليف ، وأنتج ثمانية عشرة كتاباً فى حقل المعرفة منها أربعة عشر كتاباً فى مجال الفنون الشعبية وإليكم ببلوجرافيا بكتب هذا الرجل الذي كان يجلس بيننا في فناء الكلية بسيطاً مهاباً .. لا يتكلم كثيراً، وعندما يتحدث يصمت الجميع ..

أولاً : ببلوجرافيا بمؤلفات سعد الخادم فى مجال الفنون الشعبيــة :

( 1 ) .. الصناعات الشعبية في مصر , …………………… ، دار المعارف, 1975
(2 ) .. الحياة الشعبية في رسوم ناجي ، …………………..، دار المعارف, 1958
( 3 ) .. تاريخ الأزياء الشعبية في مصر، ..، المجلس الأعلي لرعاية الفنون ، 1959
(4 ) .. معالم من فنوننا الشعبية ، …………………………، دار المعارف، 1969
( 5 ) .. الأزياء الشعبية ،………………………………..، المكتبة الثقافية ، 1961
(6 ) .. تصويرنا الشعبي خلال العصور، ………………..، المكتبة الثقافية، 1962
( 7 ) .. الفن الشعبي والمعتقدات السحرية ، ……..، مكتبة النهضة المصرية، 1964
( 8 ) .. الفنون الشعبية في النوبة ، ………………………. ، مكتبة الثقافية، 1964
(9 ) .. مؤامرة الاستعمار ضد تراثنا القومي ، …… ، الدار القومية للطباعة، 1965
(10) .. الدمي المتحركة عند العرب ، ……………. ، الدار القومية للطباعة، 1966
(11) ..الرقص الشعبي في مصر ، ……………………… ، المكتبة الثقافية، 1973
(12) .. الفن والاستعمار الصهيوني ، …………………… ، المكتبة الثقافية، 1974
(13) .. الأزياء الشعبية ، ………………………………… ،دار المعارف، 1981
(14) .. فن الخــزف ، …………………………………….. دار المعارف، 1982

كتب سعد الخادم الآن بالنسبة لى قد تكون بسيطة ولكن تكمن أهميتها أنها كانت رائدة فى زمانها وقد فجرت هذه المؤلفات العديد من القضايا الفكرية والثورية واسمحوا لى بصياغتها من منظورى وفكرى الخاص وذلك على النحو التالى:
القضايا والإشكاليات التى تطرحها مؤلفات سعد الخادم.فى مجال التراث والفنون الشعبية.

إشكالية (1) : أننا نملك حضارة إنسانية عريقة يمكنها أن تقف أمام أى حضارة أخرى موقف الند لا موقف التابع. لقد كانت حضارتنا فى قلب النهضة الغربية, حضارة غازية المشكلة فينا نحن .. مشكلة الثـقة بالذات ,وفي قدرتنا على التغيير.

إشكالية (2) : أننا نعيش حالة من العجز عن مواجهة العصر, والعجز عن نسيانه فى الآن نفسه. حقيقة الأمر نحن نعيش حالة الاغتراب المزدوج, فنرى هؤلاء المتطلعين للحياة فى ظل الثقافة الغربية, وهؤلاء الأصوليون المغتربين زمانياً الذين يعيشون عصر ويتعلقون بالموروث في عصر آخر. هذا الإحساس هو قمة الاغتراب و قمة العجز إن التحرر من التبعية للآخر لا يمكن أن يتم إلا من خلال العمل للتحرر من التبعية للموروث التقليدى المتصلب فينا, بكشف أسراره وامتلاك مفاتيحه.

إشكالية (3) : نحن محكمون شئنا أم كرهنا بالتراث البصرى الأيقونى والرمزى الشعبى العربى , فهو مقوم أساسي من مقومات الحاضر, ونحن لا نملك طريقة عادلة لحجب الماضي عن الحاضر فهما متفاعلان فينا. فنحن دائماً نتحرك نحو المستقبل ولكننا مثل رجل قبيلة “الأنجلوس نوفوس” الذي تحدث عنه، ولتر بنجمان “Walter Bonjamin” فهو يسير إلى الأمام, ولكنه يختلس دوماً النظر إلى الوراء .

إشكالية (4) : هناك حركة تشكيل مصرية شعبية فى القرن التاسع عشر مسكوت عنها فى تاريخ الفن المصرى وجدت قبل إنشاء مدرسة الفنون الجميلة بدرب الجماميز عام 1908 تمثلت فى الرسوم الشعبية الملونة المطبوعة فى مطابع الأرمن والرسوم الجدارية على المنازل والمقاهى الشعبية ورسوم الوشم .. ورسوم عربات النقل والصناديق الشعبية. ويذكر أن من أشهر مصورى اليد وقتذاك يوسف العكم ومرسمه يقع فى شارع كلوت بيه .كما يرصد سعد الخادم مجموعة من الفنانين المصرين وأماكن مراسمهم بالأسواق والشوارع بالقاهرة وردت فى كتاب تاريخ العائلة المحمدية للمؤلف يوسف أضاف عام ..1890

إشكالية (5) : هل توجد حدود واضحة وشفافة بين نحن والآخر؟
الحق هناك تداخل وتمازج بين الشرق والغرب ، وهناك أيضاً تضليل للذهن عندما نحاول تجنب رؤية هذا الواقع المشتبك والذى يستعصى على التحديد, برسم خط فاصل بينهما. إن مشكل التحديث عادة ما يطرح في إطار مشكل الاختيار بين النموذج الحداثي الغربي أو النموذج التراثي العربي الشرقى . وأعتقد إن هذا الطرح مضلل, لأنه بعيد عن الواقع الحقيقي، فنحن لا نخطف التجربة الحياتية من أحد ولا نتحيز لشيء ما ضد مصالحنا, نحن نعيش الحياة والعصر من داخل إشكالياته ويجب أن نعي أننا لسنا منعزلين عن ثقافة الآخر.

إشكالية (6) : الحوار الثقافى والتعايش بين الذات والآخر فى حقل الفنون .
يعتقد سعد الخادم أن بناء الهوية يقتضى إقامة أضداد وآخرين. يخضعون دائماً للمسألة والتفسير الدائم من وجهة نظرنا لاختلافهم عنا “نحن”. فكل عصر وكل مجتمع يقوم بإعادة صنع الآخرين اللازمين له ليعرف نفسه وهويته فى ظل الحوار والتعايش المشترك والاعتراف بالآخر وهو ما يعنى دخول الفرد إلى حيز الوجود الإنساني.
رحم الله سعد الخادم كان يدرك أن ما تبقي من العمر قصير، وأن حلمه في ظهور جمالية محلية معاصرة،. سوف تظل مشروعاً في انتظار جيل من الباحثين والفنانين الشباب، مؤمن بفكر الخادم وقضيته.. الهوية في مقابل التغريب.” وبرحيل سعد الخادم الفنان والمعلم يبقي السؤال مطروحاً دائماً.. كيف نمارس التجديد والتحديث من داخل تراثنا نفسه؟

ثانياً : ببلوجرافيا بمؤلفات سعد الخادم في مجال فنون الطفل :

مما لا شك فيه .. حينما نتحدث عن الحقل المعرفي للتربية عن طريق الفن ، سيظل اسم سعد الخادم كرائد في الكتابة فى هذا المضمار باعتباره أحد الأسماء الهامة التى كتبت عن فن الطفل فى بداية الخمسينيات من القرن العشرين.
أن هذه الكتب تؤكد في وقت مبكر علي وجوب مراعاة المنظور البيئي والثقافى في رسوم الأطفال المصريين، وهو يحذر من نقل قضايا فن الطفل من منظومات ثقافية، إلي منظومات ثقافية أخري مغايرة لها بالمطلق. وهو ما يطلق عليه في أدبيات رسوم الأطفال .. الاغتراب. لفن الطفل ومن ثم يجب الحفاظ علي السمات النوعية للثقافة. وهو ما يؤكد علي أن الثقافة ليست مطلقاً نظاماً عالمياً.. ولكنها نظام مغلق في مواجهة الضد. وهذا الإغلاق ضرورة حيث تبرز الثقافة عن طريق الجدل والاحتكاك والمقاومة الإيجابية والتفاعل مع الثقافات الأخري. وفي هذا الحقل المعرفى أنتج سعد الخادم أربعة كتب هي :

ببلوجرافيا بمؤلفات ســعد الخادم فى مجال فنــون الطــفل :

(1) : الفن والتربية الإجتماعية ، …………………………. دار المعارف ، 1953.
(2) : دراسات في تطور رسوم الأطفال ،………………….. دارالمعارف ، 1954.
(3) : التربية الفنية في فترة المراهقة ،……………………. دار المعارف ، 1955.
(5) : الخبرة اليدوية وأثرها علي التعبير الفني ،…………… دار المعارف ، 1956.

البعد الثقافى فى رسوم الأطفال المصريين من منظور سعد الخادم .. والتى يمكن أن تتبلور فى النقاط الآتية:

قضايا الثقافة المحلية فى رسوم الأطفال فى مصر.

قضية (1) : ينظر سعد الخادم منذ الخمسينات من القرن الماضي إلي رسوم الأطفال علي أنها نقطة الالتقاء بين التعبير الذاتي والوعي الجماعي .. فهو يربط بين الثقافة وفن الطفل من حيث التلقي والتأثير غير المباشر ، ويعزز ذلك إلى خصوصية مفهوم المكان والزمان في الثقافة كمدركات. وما يصاحب هذه الخصوصية من تصورات وأنشطة ذهنية تحدد آلية الإدراك البصري عند الأطفال تجاه رؤية الأشياء في الواقع المرئي.

قضية (2) : العوامل المكانية والزمانية ، وما يرتبط بها من معاني ورموز كسجل مرئى داخل الثقافة المحلية ، تمثل مرجعية للإتزانات البصرية ، التي تشكل بالنسبة للطفل ما يسمي باللاشعور المعرفي الجمعى الذي يعتبر أحد المقومات الأساسية لنزوع الطفل المصري في التعبير. وهو ما يوجه إدراكه البصري هو المعيار الأخلاقي ثابت داخل الثقافة البصرية. وتأتي خطورة هذا المعيار في ارتباطه بتحديد شكل عمليات التنظيم والتحويلات التي تطرأ علي خصوصية الصياغة للمحتوي الشكلي داخل الحيز الفني.

قضية (3) : ويرى سعد الخادم .. أن التحرر من مظاهر الاستلاب إزاء الآخر الغربي , ونحن نتحدث هنا في دائرة حقل التربية الفنية معناه التعامل معه نقدياً. والدخول مع المفاهيم التي نقتبسها منه في حوار نقدي ، وذلك بقراءة هذه المفاهيم والمصطلحات والتصورات والتيارات الفكرية في تاريخيتها ، وفهم مقولاته ونصوصه البصرية في نسبيتها بحثاً عن الآليات الفعلية المتحكمة فيها، وهو أمر يتطلب الحفر في أصولها والبحث في الدوافع والإشكاليات التي أدت إلى انبثاقها. ومن هذا المنطلق يمكن التعرف على أسس تقدمها ، والعمل على إخضاعها لعملية تبيئة جديدة في حقل التربية عن طريق الفن بمصر.

وأخيراً:
أحياناً يأتينى خاطر .. ما فائدة الكتابة ؟ هل غيرت الكلمات شيئاً؟ ماذا قدمت لى الكتب سوى الحيرة الفكرية .. وتلك الرؤية المؤلمة للحقيقة. لكن الكتابة والكتب هى الحياة تنقل المعانى وتهز النفوس وما تزال قادرة على تغيير وجه العالم .

دكتور : رضـــا شـــحاتة أبــــوالمجد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة العمل الفنى المنشور مع النص .. للفنان سعد الخادم .. منتصف الخمسينات.

https://www.facebook.com/noses1989/ العطر فى أنقى صورة.. أفضل ثبات وفوحان ..noses عـطور أونلاين ستغير فكرتك عن تركيب العطور.. تستحق التجربة
Related Posts

د.رضا شحاتة يكتب الرسالة (8): سعد الخادم .. والمقاومة للمستعمر الجمالى الجديد

التعليقات على د.رضا شحاتة يكتب الرسالة (8): سعد الخادم .. والمقاومة للمستعمر الجمالى الجديد مغلقة

وزير الثقافة: يحيي حقي ظاهرة فريدة في الثقافة ويعكس عبقرية مصر

التعليقات على وزير الثقافة: يحيي حقي ظاهرة فريدة في الثقافة ويعكس عبقرية مصر مغلقة

وزير الثقافة فى نعيها للفنان محمد صبرى: علامة بارزة وأعماله جزء من كنوز الإبداع

التعليقات على وزير الثقافة فى نعيها للفنان محمد صبرى: علامة بارزة وأعماله جزء من كنوز الإبداع مغلقة

هالة فهمى تكتب من وحي معرض الأسكندرية للكتاب: هواها.. سكندرى!!

التعليقات على هالة فهمى تكتب من وحي معرض الأسكندرية للكتاب: هواها.. سكندرى!! مغلقة

حسن غريب يكتب: أهم الملامح الفنية والجمالية في ديوان (بدون تصريح ) للشاعرة إيمان معاذ

التعليقات على حسن غريب يكتب: أهم الملامح الفنية والجمالية في ديوان (بدون تصريح ) للشاعرة إيمان معاذ مغلقة

وصول جثمان د.حازم عزمى والجنازة غدا السبت

التعليقات على وصول جثمان د.حازم عزمى والجنازة غدا السبت مغلقة

د. رضا شحاته يكتب الرسالة(٧): هل كان سعد الخادم البرجوازى .. شيوعياً .. في الثلاثينيات من القرن العشرين؟

التعليقات على د. رضا شحاته يكتب الرسالة(٧): هل كان سعد الخادم البرجوازى .. شيوعياً .. في الثلاثينيات من القرن العشرين؟ مغلقة

ننشر فيديو لإحدى قراءاته: وفاة الشيخ محمد محمود الطبلاوى

التعليقات على ننشر فيديو لإحدى قراءاته: وفاة الشيخ محمد محمود الطبلاوى مغلقة

  تعليم الفن فى مصر والتيارات الموازية

التعليقات على   تعليم الفن فى مصر والتيارات الموازية مغلقة

د.رضا شحاته يكتب الرسالة 10: رحيل سعد الخادم ..وتغريدة البجعة الأخيرة

التعليقات على د.رضا شحاته يكتب الرسالة 10: رحيل سعد الخادم ..وتغريدة البجعة الأخيرة مغلقة

فؤاد طمان يطوي أشرعة الشعر عن عمر ناهز 77 عاما

التعليقات على فؤاد طمان يطوي أشرعة الشعر عن عمر ناهز 77 عاما مغلقة

Create Account



Log In Your Account