هالة فهمى تكتب من وحي معرض الأسكندرية للكتاب: هواها.. سكندرى!!

هالة فهمى تكتب من وحي معرض الأسكندرية للكتاب: هواها.. سكندرى!!

هالة فهمى تكتب من وحي معرض الأسكندرية للكتاب: هواها.. سكندرى!!

التعليقات على هالة فهمى تكتب من وحي معرض الأسكندرية للكتاب: هواها.. سكندرى!! مغلقة
  • لماذا لا يشبه السكندري غيره ؟

    وللإجابة لابد أن نعلم أن الشخصية هى الصورة المُنظمة المتكاملة لسلوك الفرد التي تميزه عن غيره .. أى أنها عاداته / أفكاره / إهتماماته / اسلوبه في الحياة .
    ولأن الأسكندرية لا تشبه مدينة أخرى فقد تحكمت في بناء شخصية السكندري المولود بها أو من عاش على أرضها أو حتى من مر ببحرها .
    فقد اجتمع للأسكندرية ما جعلها سيدة المدن بداية من الموقع الفريد وتاريخ زاخر وطويل شكلته الحضارات والأمم فهى الأسكندرية الهلينستية .. البطلمية .. الرومانية .. الإسلامية .. هى كل عراقة الماضي وروعة المستقبل .. ولذا يليق بها العطاء المتفرد .. العطاء العبقري .. فأهل الأسكندرية بشكل عام ومثقفيها بشكل خاص لديهم الجرأة على تقبل الجديد بل والتفاعل معه دون أن يفقد سماته .. الأسكندراني يؤثر ويتأثر دون خلل في تركيبته الأساسية .

• المدينة التي بدأت تاريخهاعام 331ق.م

أكتسبت شهرتها منذ أسسها الأسكندر كمدينة يونانية عريقة وبعدها تحولت لمركز إشعاع ثقافي وسياسي وإقتصادي .. خاصة بعد أن أصبحت عاصمة لحكم البطالمة في مصر .
والأسكندرية مدينة لم تهبط من السماء فهى امتداد لمدن فرعونية كانت قائمة وقتها و لها شهرتها الدينية أو تجارية .. ولكن الأسكندرية أصطبغت بصبغة عسكرية لأنها كانت مدينة لجند الأغريق .. ثم تحولت لمدينة ملكية بحدائقها وبناياتها واحتفاظها بعجيبة من العجائب السبع في العالم القديم وهى المنارة .. واستئثارها بأكبر وأهم المكتبات ومعمل للبحوث وقتها .. مكتبة الأسكندرية التي أخرجت أهم العلماء الذين انتشروا منها للعالم ليعلمون الفزياء والفلك والجغرافيا والهندسة والرياضيات والتاريخ الطبيعي والطب والفلسفة والأدب .. مئات من المفكرين والعلماء والأدباء أثروا الفكر الإنساني بالعالم القديم .

• عندما يكون الحاكم مثقفا :

  • بعد تولي بطليموس الأول : الحكم والذي حكمت أسرته ثلاثة قرون ورغم كونه غير مصري ومقدوني المولد إلا أنه خطط لأن تكون مصر منارة للعالم وخص الأسكندرية التي شهد ميلادها الجديد على يديه .. فجعلها عاصمة ثقافية وفكرية للعالم أجمع حتى بعد أن اتسع ملكه وشمل ليبيا وفلسطين وقبرص .. وهكذا أصبحت الأسكندرية عاصمة لمصر لقرون .

  • وجاء عهد بطليموس الثاني :

والذي كان شغوفا بالعلم والمعرفة فأقام مكتبة الأسكندرية الشهيرة وكان يجمع الكتب من اليونان وسوريا وبابل وبلاد فارس والهند .. أشتراها بماله الخاص ووضعها في المكتبة حتى يأتي الطلاب من جميع انحاء العالم ليتعلموا كل أشكال العلوم والآداب في مصر وفي الأسكندرية تحديدا تلك التي شغُفت بها قلوب وعقول الحكام .. ولم يكتف بطليموس الثاني بهذا بل جلب المترجمين وقرر ترجمة التوراة إلى اليونانية وتم اختيار اثنان وسبعون من كبار رجال اليهود وأرسلهم إلى الأسكندرية ليقوموا بشرح التوراة للمترجمين فأتموا ترجمة الكتب الخمسة المنسوبة لسيدنا موسى وعرفت هذه الطبعة بالنص السبعيني .
بل أن الأسكندرية لم تشتهر فقط كمدينة للعلم والمعرفة ولكنها مدينة للفنون أيضا وقديما كانت كلمة سكندري تعني الفنون أو الآداب .. وعرف العالم معنى الإبداع بتلك المفردة التي تم اشتقاقها من الأسكندرية ربة الفنون و الآداب .

• الأسكندراني الثائر :

ومن عظمة البطالمة من وجهة نظر الكثير من المؤرخين أنهم لم يكونوا من المصريين لكنهم حكموا كمصريين – فراعنة – وشهدت الأسكندرية في عهدهم الميلاد الحقيقي والشموخ والقوة .. التي جعلتها عاصمة مصر لثلاثة قرون .. ولكن لأن للظلم جذوره وتاريخه وعصوره .. أطل حكم الرومان محاولين تقزيم مصر وتحويلها لولاية تابعة للإمبراطورية الوليدة ( روما ) فألغى مجلس المدينة ( البرلمان حاليا ) مما جعل هناك تفاوتا طبقيا .. زادت الضرائب ونهبت مصر فكان القمح يزرع في مصر ويشحن من الأسكندرية لأهل روما وقد جعل هذا لمصر أهميتها التي جعلت أطماع الرومان تعشوشب في مصر وخيراتها .. بل لقد حاول الرومان جذب العلماء والمفكرين للأسكندرية ليس حبا كما فعل البطالمة وإنما لتحقيق المزيد من الأطماع .. وأيضا خوفا من طبيعة السكندري الثائرة المتمردة دائما والتي ترفض الظلم .. حتى أن أحد المؤرخين وصفهم بأنهم ( الأكثر رغبة في الثورة والقتال من أى قوم آخرين ) فقد كان السكندري بصفة عامة يثور على نقائص الحكم الروماني ووئده للحريات .. ولأن الإبداع لصيق بالأسكندرية فهناك واقعة مشهورة تحكي أن الإمبراطور الروماني ( كاراكلا ) أمر بقتل ما يزيد عن عشرين ألف سكندري على إثر قصيدة هجاء قيلت فيه من شاعرسكندري .

• تأثير الديانات على الشخصية السكندرية :

أكتظت الأسكندرية باليهود في العهد البطلمي والروماني وأُطلقت أيديهم في المشاريع الضخمة والمهمات التي احتفظت للمدينة القديمة بشكل خاص .. إلى أن جاء الصراع بين اليهودية والمسيحية وما كان من ضحايا حتى أنه سُمي بعصر الشهداء وكان للأسكندرية النصيب الأكبر ممن ماتوا دفاعا عن دينهم وعقيدتهم الجديدة .. إلى أن أعلن قسطنطين الأكبر المسيحية الديانة الرسمية للإمبراطورية اليونانية .. وقد حظيت الأسكندرية بالنصيب الأكبر أيضا .. حيث أصبحت مركزا لعلم اللاهوت المسيحي وأصبحت ديانة تمتلك قوة وروحانية عالية .. ولعل تلك الصراعات الدينية بين اليهودية والمسيحية قبل دخول الإسلام شكلت طبيعة خاصة للسكندري الثائر وبعد دخول عمرو بن العاص لمصر ووصوله للأسكندرية أرسل رسالة يصف فيها الأسكندرية كما وجدها قائلا : وجدنا أربعة ألاف من القصور .. ومثلهم حمامات عامة .. وأثنى عشر مُزارع وأربعون ألف يهودي .. وأربعمائة مسرح .. ويعد دخول الإسلام وفتح مصر نقطة تحول كبرى في الأسكندرية .. فقد أدى انتشار الإسلام وتعاليمه السمحة وتعدد الفتوحات الإسلامية وامتدادها لأنتشار اللسان العربي وقد اختلطت الحضارة الإسلامية ببقايا الحضارات الأغريقية والرومانية مما شكل لها روحها الجديد المتميز .
وظلت الأسكندرية الشعلة التي تنير على ربوع مصر بصفتها العاصمة .. حتى تم نقل العاصمة للفسطاط عام 646م لا لشيئ إلا لأن عمرو بن العاص لم يرغب في أن يفصله عن الخليفة بحر .. وهذا أفقد الأسكندرية الكثير من الميزات التي نالتها لقرون طويلة .. لكن ابدا لم تفقد فتنتها في العالم كله وقد مرت الأسكندرية العاصمة الأجمل لمصر بعدة عصور بعد ذلك منها الحملات الصليبية والحكم المملوكي والعثماني ثم تلاها الإحتلال الفرنسي .. ثم الإحتلال الإنجليزى .. ومع كل حقبة من هؤلاء كانت تؤكد أ ن لشعبها طبيعته الخاصة الثائرة الرافضة للظلم ولا تستسلم .

• محمد على يعيد رونق ماريا :

تدين الأسكندرية لنهضتها الحديثة في عهد محمد على بالكثير .. فقد أعاد لها البهاء والحضور خاصة بعد حفر قناة المحمودية لربط الأسكندرية بنهر النيل مما أنعش الإقتصاد . وقام ببناء وتخصيص الميناء الغربي كميناء رسمي لمصر .. وصمم المنشية وأتخذ مقره الرسمي برأس التين .. ومن حينها تحولت الأسكندرية المكان المفضل لسكنى قناصل الدول الأجنبية والغربية وجاليتهم مما جعل للأسكندرية طبيعة أوربية ملتزمة بروح الديانات وقد أنعكست على عقلية وروح المواطن السكندري المُنفتح على حضارات العالم من حوله .. من خلال الجاليات والتحامهم بالشعب السكندري .

** ومما سبق كله تشكلت طبيعة المواطن السكندري المثقف المتفتح الثائر .. وأعتقد أننا بهذه السمات والتي تنصبغ على العديد من الشعب المصري خاصة من لاصقوا وعاشروا ومروا بتلك المدينة العريقة .. والتي لم تنجح فقط في وضع بصمتها على روح جالياتها حتى بعد أن عادوا لبلدانهم .. بل أستطاعت أن تصبغ أبناء المدن المصرية بصبغتها لمن عاش بين شاطئيها ومياهها .. الأسكندرية العظيمة في التاريخ صانعة العلماء والمفكرين والفلاسفة لم تفقد هذا الدور بل ما زالت تلعبه حتى الأن أسكندرية العلماء التي أنجبت لنا كيلوباترا السابعة التي تتحدث سبعة لغات وتعرف في الهندسة والعمارة وعقلية سياسية إقتصادية مهمة .. وهيباتيا شهيدة الأسكندرية الباحثة العالمة التي قتلت وسحلت .. ومحمد كُريم .. نبوية موسى .. توفيق الحكيم .. سيد درويش .. عبد الله النديم ..هى الأسكندرية التي أخرجت لنا عبد العليم القباني .. وعبد المنعم الأنصاري.. محمد زكي العشماوي .. محمد زغلول سلام .. محمود العتريس .. كمال نشأت ..عمر الجارم .. إدوار الخراط .. إبراهيم عبد المجيد .. شادي عبد السلام .. بيرم التونسي .. فاطمة رشدى .. عمر الشريف .. محجوب موسى .. أحمد مبارك .. محمد الفخراني ود. محمد زكريا عناني .. أبو الحسن سلام .. عبد الله هاشم .. صبري أبو علم .. فؤاد طمان .. د. فوزى خضر ..فوزى عيسى .. محمود عبد الصمد زكريا .. أحمد شبلول .. وجابر بسيوني .. وأشرف دسوقي .. ناجي عبد اللطيف .. عزة رشاد .. انتصار عبد المنعم .. منى منصور .. سهير شكرى .. هدى عبد الغني .. أمال الشاذلي .. منى عارف حتى جيل ميسرة صلاح وأميرة مجاهد وغير تلك الأسماء والعقول والقلوب التي يمثل كل منهم منارة كمنارة الأسكندرية لا تقل عنها قيمة في تاريخ الأسكندرية الرائعة التي هيمنت على أفئدة من لم يولد بها وكل من زارها تنفس عبق تاريخها ومارست طقوس سحرها على روحه .. ومنهم أفلاطون .. أرشميدس .. جالينوس .. قاسم أمين .. لورانس داريل .. فيكتور عمونويل الثالث .
اسماء خلدها التاريخ وخلدت الأسكندرية في أرواحهم .. لأن هواها سكندري .. ولو عدنا بمفردة سكندري لأصلها التاريخي .. فالأسكندرية هواؤها إبداع .. يتنفسه كل من يمر على بحرها وبرها .
تميز الشخصية لابد أن ينعكس عل كل العصور والحقب فماذا ستضيف الشخصية السكندرية الثائرة بعد الثورة على الأوضاع المتردية .. كيف نعيد للأسكندرية بريقها ؟!
و من هنا نتفق أن يكون لها بصمتها الجديدة ولن يفعل ذلك إلا المواطن السكندري ” الأسكندرية تقرأ ” عنوان مهم لمشروع قومي كنت أتوقع أن يكون نواة لمشروع كبيرعنوانه ” مصر تقرأ ” ولن نسنطيع فهم الجديد إلا لو قرأنا تاريخنا وامتزجنا بحضاراتنا القديمة والجديدة لنستمد منها العزة والرفعة والخبرة والقوة .. كيف كنا وكيف أصبحنا ؟! إشكالية ضخمة تحتاج لإجابة .. كانت قد بدأت بها الباحثة أميرة مجاهد .. لكن الغيرة أوقفتها للأسف وكم كنا بحاجة لإنجاح هذا المشروع الذي وجد صدى عربي هائل وتماس مع مشروع ثقافي بعنوان تونس تقرأ وتم التواصل بين أميرة مجاهد راعية الفكرة وبينهم .
فكم نحتاج لأن نكون من الشعوب القارئة أولا .. المفكرة ثانيا .. وهذا تحد صعب فالعالم لم يعد يقرأ وخاصة تلك الشعوب المتخلفة إقتصاديا وسياسيا مثلنا .. كيف يعود للعلم والمعرفة قيمتها ؟ كيف نعود للكتاب ؟ كيف نطور الشخصية المصرية والسكندرية ونعيدها لتميزها هذا سؤال نطرحه..في نهاية معرض الأسكندرية للكتاب ومعه هذا السؤال هل حقا قرأت الأسكندرية وهل تقرأ مصر على كثرة وجود معارض للكتاب .. هل نحاول خلق حالة القراءة والحث عليها ولنا ما لنا من هذا التاريخ ولدينا من لدينا من أمثال أميرة أتمنى .
وكل عام ومعارض الكتاب بخير .. وشكرا لهيثم الحاج الذي يتفهم ذلك ويرحل بكتبه للأسكندرية ودسوق وغيرها من مدن مصر .

 وعمار يا اسكندرية .. يا جميلة يا ماريا
https://www.facebook.com/noses1989/ العطر فى أنقى صورة.. أفضل ثبات وفوحان ..noses عـطور أونلاين ستغير فكرتك عن تركيب العطور.. تستحق التجربة
Related Posts

الدكتور محمد عبد الله حسين يكتب: فليرحمه الله

التعليقات على الدكتور محمد عبد الله حسين يكتب: فليرحمه الله مغلقة

فوزية مهران ..إعلان الحب ولغة البرق ..رجل رصين وامرأة تقكر

التعليقات على فوزية مهران ..إعلان الحب ولغة البرق ..رجل رصين وامرأة تقكر مغلقة

تأبين الروائي الراحل صبري موسى بقاعة كاتب وكتاب شهدت قاعة كاتب وكتاب

التعليقات على تأبين الروائي الراحل صبري موسى بقاعة كاتب وكتاب شهدت قاعة كاتب وكتاب مغلقة

الدكتور رضا شحاته يكتب: عشرة رسائل إنسانية عن الرائد سعد الخادم(١)

التعليقات على الدكتور رضا شحاته يكتب: عشرة رسائل إنسانية عن الرائد سعد الخادم(١) مغلقة

بينهم امرأة واحدة.. أهم 10 كتاب فى الأدب الصينى الحديث

التعليقات على بينهم امرأة واحدة.. أهم 10 كتاب فى الأدب الصينى الحديث مغلقة

وصول جثمان د.حازم عزمى والجنازة غدا السبت

التعليقات على وصول جثمان د.حازم عزمى والجنازة غدا السبت مغلقة

حسن غريب يكتب: أهم الملامح الفنية والجمالية في ديوان (بدون تصريح ) للشاعرة إيمان معاذ

التعليقات على حسن غريب يكتب: أهم الملامح الفنية والجمالية في ديوان (بدون تصريح ) للشاعرة إيمان معاذ مغلقة

د. إيناس عبد الدايم فى نعيها للدكتور يسري العزب: من أهم مبدعي شعر العامية وحبيب أدباء الأقاليم

التعليقات على د. إيناس عبد الدايم فى نعيها للدكتور يسري العزب: من أهم مبدعي شعر العامية وحبيب أدباء الأقاليم مغلقة

د.رضا شحاتة يكتب الرسالة (8): سعد الخادم .. والمقاومة للمستعمر الجمالى الجديد

التعليقات على د.رضا شحاتة يكتب الرسالة (8): سعد الخادم .. والمقاومة للمستعمر الجمالى الجديد مغلقة

الثلاثاء.. المجلس الأعلى للثقافة يشهد على وفاء الطلاب لاستاذهم فى عطاء بلا حدود

التعليقات على الثلاثاء.. المجلس الأعلى للثقافة يشهد على وفاء الطلاب لاستاذهم فى عطاء بلا حدود مغلقة

وزير الثقافة: يحيي حقي ظاهرة فريدة في الثقافة ويعكس عبقرية مصر

التعليقات على وزير الثقافة: يحيي حقي ظاهرة فريدة في الثقافة ويعكس عبقرية مصر مغلقة

بني حسن تستقبل وفدا وزارة السياحة والآثار والمعهد الهولندي في اطار التعاون المشترك

التعليقات على بني حسن تستقبل وفدا وزارة السياحة والآثار والمعهد الهولندي في اطار التعاون المشترك مغلقة

Create Account



Log In Your Account