د. زين عبد الهادي يكتب عن رواية شيطان الخضر : حين يكون الكاتب جن أزرق

د. زين عبد الهادي يكتب عن  رواية شيطان الخضر : حين يكون الكاتب جن أزرق

د. زين عبد الهادي يكتب عن رواية شيطان الخضر : حين يكون الكاتب جن أزرق

التعليقات على د. زين عبد الهادي يكتب عن رواية شيطان الخضر : حين يكون الكاتب جن أزرق مغلقة

حين يكون الكاتب جن أزرق
ويكتب عن الخضر في رواية (شيطان الخضر)
(وإن كنت ناسي.. أفاكراااك)..
د. زين عبد الهادي
اذا كان للرواية عفريتها الجديد فهو بلا ريب ولا مظنة، محمد ابراهيم طه Mohamed Ebrahem Taha ، الذي ستجده غالبا صامتا، لكنه يمتلك من خفة الدم ما إن وزع على العرب جميعا لأغرقهم مرتين أو ثلاث، ولأني لم أعرفه إلا بمصادفة إلهية سببها القائد شعبان يوسف فأنا أعتذر عن خطيئتي، فالرجل موجود منذ بدء الخليقة وتحديدا منذ بداية القرن الجديد لكن يبدو انني كنت أعيش في قرن آخر..ولكن أهل الله يغفرون كل شئ ومافوق ذلك ومادون ذلك

ولأني حين أذكر اسم د.محمد ابراهيم طه طبيب النساء في قرى مصر المحروسة فإني أتذكر (عفريت من الجن)، لا أظن أن هناك كاتبا في العالم العربي يملك موهبة محمد ابراهيم طه، شيخ الروائيين، وعظيم الروم المحدثين، ومولانا طبيب النساء والمجاذيب والفلاسفة والمتصوفة وواحد من اهم حماة عورة الرواية العربية.
ولكي افسر ما أقول فأنا والعياذ بالله من قولة أنا منذ عدة شهور أصدرت كتابا عن مابعد الحداثة مازال في المطبعة، ولو كان لما بعد الحداثة شيخ طريقة من الشرق لكان هذا الرجل بلامنازع، ومن لم يقرأ (شيطان الخضر) فإنه لم يقرأ، وأقولها واتكالي على الله، وأدعو الله لي ولكم يوم الجمعه.
اعلم أيضا أن هناك من سيقول لكن هناك قصص عن المجاذيب، وان نجيب محفوظ رصد هذه الظاهره وكتب عنها، في الشحاذ وغيرها ، وأن الشيخ حسني صنيعة أصلان ظاهرة في الرواية العربية ، اجيب نعم ولكن مافعله محمد ابراهيم طه فاق كل ماذكرت، حتى وان استعان بأصلان كمدخل لروايته، لكن ماحدث بعد ذلك كان مختلفا ومدهشا وصادقا، تتلبسه روح الفن والانجذاب، وكأنك تقرأ عملا تم طهية على نار ودخان، ستجدهما وأنت تقرأ.
علينا أن نستدعي اللامنتمي الغربي عند الواد كولن ويلسون، ونقيسه باللامنتمي الشرقي الذي أخرج جديد محمد ابراهيم طه من قمقم قرى مصر، هذا الذي سيأخذ طريقين، الالحاد المطلق كحال سيد القمني، او الأيمان المطلق الذي يتلفع في صوفية لانهائية كحال الحلاج والسهروردي وغيرهم، وأعني به فتوة هذه الرواية المبهجة الخضر الصغير.
كذلك نعلم جميعا أن الخضر هو اشهر شخصية ذات ملامح صوفية مكشوف عنها الحجاب وتشكل عجينة روائية هائلة في ذات الوقت، وردت في القرآن، وهي تحمل كثير من التأويلات. ثم ما رأيك بدلا من اني اقعد أرغي عمال على بطال وزي اللي شايل طاجن سته ، مارأيك أن تقابل خضر الصغير ويوسف المنعكش وخال الخضر الحسيني أبو راس والقاتل الساخر صاحب الحنجرة الذهبية والياماها ال١٠٠ الشيخ فتح الباب لتعرف الحقيقة. لكن د.طه لايقدم لنا في الخضر الصغير نموذجا عاديا بل نموذج الصغير اليتيم المقطوع من الشجرة الذي يصاحبه اولياء ويتكسب من وراءه البشر، انظر كيف تيتم وهو يصعد لسطح الدار حين تأمره أمه مكة باحضار بعض الحطب فيصعد السلم وحين يدخل برأسه إلى السطح (كأنه يولد من جديد) يشاهد ماهو أقرب إلى الجنه، بينما في الواقع فإنه سقط من على السلم ودخل في غيبوبة، وفي النفس الوقت تموت أمه تاركة إياه لله وحده، وكيف رأى ما رأى وعاد للحياة حافظا للقرآن كله بصوت الحصري.. وغارق في حب الموسيقا في نفس الوقت.. يا إلهي ما أرحمك (بصوت النقشبندي)!
المهم قبل أن تقرأ الرواية التي تشبه واحدة من حكايات ألف ليلة وليلة، عليك ان تفتح قلبك وعقلك لخيال مطلق، ودهشة مطلقة وعالم غرائبي، ولغة مقطرة من جمال العامية إلى مجون الفصحى، عليك ان تقابل ابطال هذا العمل كلهم من خضر الصغير ويوسف المنعكش والشيخ فتح الباب والخال الحسيني أبو راس والاخيران يمثلان الشر الكامل في الرواية، ستقابل الكثيرين وبالطبع ستكون اسمائهم كعادتنا في القرى حدث ولا حرج مثل ابو بربور والسائق خنوفة.
ربما الامر ابعد من ذلك، فالحكاية تدور بين عالمين، عالم الارض وعالم البر زخ، ولا يمكن اعتبار هذا البرزخ وهما او حلما أو زيفا بل هو عالم موازي، تتعدى الرواية الحدود، وهنا اعود لفكرة مابعد الحداثة حيث يتحدث الراوي عن عالم معزول كلية، اقرب لفكرة كوكيب يبعد عنا ملايين السنوات الضوئية وانت وقدرتك بقى على التخيل، ولعمري لم يحدث ذلك في رواية عربية ولا شرقية ولا غربية، وهذا اللامنتمي وفقا لتعريف الدجال كولن ويلسون اتى نتيجة سبب آخر لم يشر إليه الدجال، فهو نتيجة ايمان مطلق كانت نتيجته عدم تواؤمه مع مايحدث في الواقع فيغرق في نوبات اقرب للصرع ليدخل من خلالها البرزخ فيقع في حب امرين هما قراءة القرآن والموسيقى ، وفي الوقت الذي يشجعه المنعكش على الموسيقى (رغم ان المنعكش يعد سيد بين الاولياء، يشجعه خاله الحسيني والشيخ فتح الباب على قراءة القرآن فقط على اعتبار أن الموسيقى رجس من عمل الشيطان وأن قراءة القرآن فقط تجلب الأموال والنعيم) وهنا يبدو التناقض الشاسع بين المتكسبين وبين أهل الحظوة. انظر لهذا الحوار (صفحة ١٦):
– أنا طلبت من ربنا آية وحققها لي؟
– تشغل مزيكا في بيت ربنا وتقول آية.. إنت مجنون؟!
– لعلمك..لم تخلق الموسيقاإلا لتسمع في بيوت الله!

استخدم مولانا الشيخ الدكتور محمد طه من أجل كتابة هذه الرواية لغة أقرب للعامية رغم عدم تنازله عن الفصحى، لقد وظف العامية كما أراد للتعبير عن هذا الطقس المقدس في الرواية، كما أنك لن تجد ابقاك الله وسلمك كلمة ولا حرف واحد يمكنك حذفه من الرواية، بقي ان اقول أني في حاجة لأكتب أكثر من ذلك، لكن اعيدكم إلى مقال الكاتبة أميرة بهي الدين الذي يتضمن تفاصيل أخرى عن الرواية.
الرواية مهم جدا لكل قارئ وكاتب فمدرسة محمد ابراهيم طه الحاصل على عدة جوائز في الرواية من جائزة الدولة لجائزة الشارقة لجائزة يوسف ادريس تؤكد على قيمته منذ بداية كتاباته مع اول نفس في القرن الواحد والعشرين.
واعدكم بجولة ثالثة عن هذا العمل الذي يتعدى حدود الجمال التقليدي. 🙂

https://www.facebook.com/noses1989/ العطر فى أنقى صورة.. أفضل ثبات وفوحان ..noses عـطور أونلاين ستغير فكرتك عن تركيب العطور.. تستحق التجربة
Related Posts

نفيسة عبد الفتاح تكتب:هل من بصير؟!

التعليقات على نفيسة عبد الفتاح تكتب:هل من بصير؟! مغلقة

د.مختار القاضي يكتب: الآثار والسياحه وغياب الوعي .

التعليقات على د.مختار القاضي يكتب: الآثار والسياحه وغياب الوعي . مغلقة

الإعلامي طارق عبد الفتاح يكتب: كرامة الممثل

التعليقات على الإعلامي طارق عبد الفتاح يكتب: كرامة الممثل مغلقة

د. محمد عبد الله حسين يكتب: فلاحة..من سجلات الشرف والفخر

التعليقات على د. محمد عبد الله حسين يكتب: فلاحة..من سجلات الشرف والفخر مغلقة

الدكتورة عبير حسن تكتب: خيال الظل العربي، مجموعة “بول كالة”

التعليقات على الدكتورة عبير حسن تكتب: خيال الظل العربي، مجموعة “بول كالة” مغلقة

الإشارات // نفيسة عبد الفتاح

التعليقات على الإشارات // نفيسة عبد الفتاح مغلقة

نفيسة عبد الفتاح تكتب : فلاحة “محفوظ” وسجدة “الشعراوى”

التعليقات على نفيسة عبد الفتاح تكتب : فلاحة “محفوظ” وسجدة “الشعراوى” مغلقة

نفيسة عبد الفتاح تكتب: قتل غير رحيم

التعليقات على نفيسة عبد الفتاح تكتب: قتل غير رحيم مغلقة

حامد عبد القادر يكتب.. حضارة الدم وإسلام الرحمة

التعليقات على حامد عبد القادر يكتب.. حضارة الدم وإسلام الرحمة مغلقة

نفيسة عبدالفتاح تكتب: خمسون عاما على ملحمة بناء السد العالي.. المشروع الأعظم فى العصر الحديث

التعليقات على نفيسة عبدالفتاح تكتب: خمسون عاما على ملحمة بناء السد العالي.. المشروع الأعظم فى العصر الحديث مغلقة

د.محمد مصطفى الخياط يكتب: إشبيلية … برتقالة تحت الطاولة

التعليقات على د.محمد مصطفى الخياط يكتب: إشبيلية … برتقالة تحت الطاولة مغلقة

محمد هلال يكتب: مابين المحبة والعشق بون شاسع

التعليقات على محمد هلال يكتب: مابين المحبة والعشق بون شاسع مغلقة

Create Account



Log In Your Account