أخبار-ثقافة -فكر دينى – فنون – أثار
“هذا آخر كلام بيننا” لما كتبَ عبارته غاضبا.. رأيته بأم عيني يخرج من صدري.. عصفور أبيض به رجفة.. ترك فؤاده وامتثل أمامي يتابعني بنظراته:
– أما زلتِ تنتظرين؟!
هززت رأسي بنفي ضعيف.. دار حولي عدة دورات ولما وجدني لا أحاول استرجاعه.. طار وعلى مرمى بصري حط على فرع يهتز.
وهذا يواصل كتابته بغرور:
– اعلمي أن عدم ثقتك فيَّ هي التي عجلت بالفراق.
كتبتُ:
– لا عليك يا صديقي أنت قلت هذا آخر كلام بيننا وأنا موافقة.
كتبَ:
– فدوى.. لماذا تستفزينني.. لا يزال بيننا كلام كثير.. نلتقي مساء.. وأغلق الفيس.
لم تكن أول مرة يهددني بالفراق.. لم أستعطفه ولا مرة منها بل في كل مرة أُعجل بالموافقة فيعود ويفتح الكلام من جديد.. يبثني حبه ويحكي عن شوقه وعن سعادته بوجودي وعن الرومانسية التي يعيش فيها جرَّاء هذا الحب الطاهر النقي.. و.. و.. وأنسى تهديده.. ولم يخرج عصفوري من صدري محتجا رافضا الأسلوب.. لماذا الآن؟!
هل لأنه التهديد الثالث كالطلقة الثالثة.. هل لأنه جاء بعدما اعترفت له بحبي، وكنت من قبل أراوغه ولا أنطق بالكلمة التي ظل يحارب من أجلها بشتى الطرق شهورا طوالا!!
نظرت إلي عصفوري.. يتأرجح هناك على فرعه.. هل هو الذي يرتعد أم الفرع يهزه نسيم لا يصلني:
– بعدما اعترفتِ بحبك صار لزاما عليه حفظ العهد.. صرت تنادينه حبيبي.. وما عدت تخفين مشاعرك، تغنيت به وغنيت له:
يا من نشا حبه في الحشا
فاق الظبى خطوه إذ مشى
– نعم أذكر.
– لكنه تراجع كما في كل مرة.. لماذا لم تتراجعي أيضا.. اعترفي بالحقيقة.. هاتها أمام عينيك ولا تدفني رأسك في الرمال.
– لا أدفن رأسي عصفوري المشاكس، وأعرف ما ترمي إليه.. تقصد تلك البنت شروق.. التي بثها شوقه ورغبته في التواصل معها.. إنها.. إنها كما تعلم.
– إنها من صنعك أنتِ لكي تعرفي من خلالها مدى إخلاصه.
– عصفوري لا تخلط الأمور.. هي كانت في وقت الخصام.. صنعتها لتحبه فانقسم بها إلى اثنتين أحبه مرتين.. وأعشقه حاضرا وغائبا.. اخترتُ لها اسم شروق.. وطلبتْ صداقته.
– ولبى على الفور.. بل دخل على الخاص يشكرها ويعبر عن سعادته بوجودها معه قلبا وقالبا.
– لم أهتم يا عصفوري.. فتعرف كم هو رقيق مع كل الناس.. لا تنظر لي هكذا هي أيضا عبرت عن إعجابها بمنشوراته.. وما فيها من دليل ذكاء وفطنة وإنسان خيّر، فوجب عليه أن يشكرها:
(أشكرك يا آنسة)
(العفو.. يا أستاذ “نور”:)
(ليس اسمي “نور” يا آنسة.. اسمي باهر)
(هذا اسم يناسبك، لأنك تدعو لتعلم العلم، وبما أن العلم نور فسميتك نورًا)
(شكرا لذوقك يا آنسة.. اسمك رائع أيضا.. شروق؟)
– أرأيتِ كيف يسترسل في الكلام.
– تركتْه أسبوعان ثم بادرته:
(مساء الخير أستاذ نور.. أنت تكتب كلاما رائعا.. أنا معجبة بك جدا)
(بي أم بكلامي)
(بك.. لو لم تكن أنت ما كان الكلام.. المهم صاحب الكلام)
(هل أعتبر هذا إعجاب واضح بشخصي.. أرجو)
(ترجو؟!!)
(كل فرد منا يحب أن يكون محبوبا من الناس جميعا)
– أخذتِ بالك.. أن يكون محبوبا من الناس جميعا.
– لا تكن سيئ الظن عصفوري.. البنت هي التي تجاوزت بقولها:
(كلامك هذا يجذبني.. فيه هدوء وطيبة وذكاء ومودة)
– وماذا قال؟! ألم يقل: أحس أني أتغير علي يديك.. كما يقول لك أتغير على يديك.
– هى أيضا لم ترحمه فقالت:
(تتغير على يدي.. يعنى عندك استعداد!)
– لا تخشي عليه هكذا لم يخجل ولم يدَّع الفضيلة بل قال:
(المهم صبرك عليَّ)
(أصبر وزيادة.. اعتبرني ناعسة)
– ووجدها فرصة:
(أيمكنني أن أتطفل قليلا.. وأسألك عن نفسك وقلبك هل دق لأحد من قبل، وهل مازال يدق أم تعطل و.. و؟)
(بسؤالك هذا تجر علي مواجع كثيرة.. أتناساها وأنا معك)
(آسف لن أعود لمثل هذا أبدا.)
(على الفور تتأسف!! هذه رقة زائدة.. لم يعد أحد يتأسف اليوم.. أنسحب قبل أن تزيد حالة إعجابي بك.)
(لا عليك يا أنسة انطلقي انطلقي ولايهمك.)
مهند الياسري
نقل بالحروف .. عن واقع
صار مالوف
ابدعت الكاتبة كيلاني بقلم يكتب عن الاخرين
مهند الياسري
العراق
Comments are closed.