أخبار-ثقافة -فكر دينى – فنون – أثار
لم تكن يد محمد راجح هى التى حملت بمفردها المطواة لتغتال براءة ابن تلا الطالب البرىء محمود محمد البنا .. ولم تكن تربية أم محمد راجح وحدها هى التى اخرجت لنا قاتلا بلطجيا قتل فتى بريئا طاهرا مع سبق الإصرار والترصد ، والكارثة المزدوجة فى هذه الجريمة ان القاتل أحاط به صديقاه يحرسان فعلته الشنعاء ويعينانه على تنفيذها بإبعاد الشاب الذى حاول التدخل لإثناء المجرم عن جريمته، المجرم الذى اراد ان يظهر سطوته بلعب دور البلطجى الذى يؤدب فتى بريئا لأنه فقط قال ما يجب ان يقال فى اى مجتمع محترم، ظنا منه ان المجرم سيعود إلى رشده وأن الأخلاق التى تربى عليها يفهمها امثال هذا البلطجى الصغير، محمود البنا تربى على الأخلاق ورأى أنه ليس من الرجولة ان يتحرش راجح بفتاة.. ففى زمن لم تعد فيه للأخلاق قيمة وصارت الرجولة او القوة أن تسب من امامك بأقذر الألفاظ لتثبت وجهة نظرك أو تتمادى أكثر فتضرب من يخالفك فى الرأى ليصل الأمر إلى الذروة بأن تشهر سلاحا فى وجه من يدعوك إلى مكارم الأخلاق.. فى هذا الزمن الذى سادت فيه بلطجة القول والفعل، وانحدرت الأخلاق إلى قاع ممتلىء بالنفايات المتعفنة، وتعددت فيه أسباب الفساد والانحراف وتشابكت، فى هذا الزمن وبتلك المعطيات ؛كيف للأخلاق ان تنتصر ؟! كيف ينتصر الفتى البرىء والشاب الواقف على باب أحد المحلات فى الفيديو الذى صورته الكاميرات فى الشارع لم يطرف له جفن ولم يبدو عليه أى سلوك غير طبيعى بينما تجرى وقائع الجريمة على مرمى حجر منه، أمام عينيه يحاول محمود النجاة بنفسه راكضا والمجرم يطارده، لم يصرخ الشاب على باب المحل مستنجدا، ومن المؤكد ان محمود صرخ بالفعل لكن أحدا لم يلتفت او يأبه لصراخه، المجرم فعل فعلته بينما المؤذن يؤذن للصلاة وصوته يهز أركان الشارع ، ومن المؤكد ايضا ان المجرم بعد انتهائه من جريمته ودون أن يتصدى له مخلوق فر ببساطة مع زميليه الذين كانا يحرسانه كأى بلطجية يقفون خلف كبيرهم اثناء قيامه بعمله الإجرامى!
هل تدينون ام راجح؟ هى تستحق شطرا لا يستهان به من الإدانة، وخاصة بعد ماقرأته عن سلوكياتها كمدرسة يفترض انها تربى النشء ومدى كرهها للبنات حيث اكدت تلميذاتها على مواقع التواصل الاجتماعى أنها تعتبرهن عارا ، لكن مع الوضع فى الاعتبار انها ليست العامل الوحيد المؤثر، فالأسرة بكل اسف لم تعد لها الكلمة الاولى والأخيرة فى تنشئة الأبناء، نعم هم يتحملون قدرا كبيرا من المسؤولية، لكن العوامل الخارجية لا يمكن اغفالها ، وحتى الٱن لا نعرف أى ظروف اجتماعية أخرجت لنا هذا الوحش منعدم الضمير، لكن المؤكد أن المنحرف الذى لا يجد من يقف فى وجهه بينما يمارس مظاهر إجرامه الصغيرة التافهة فى أعين البعض ، هو نفس القاتل الذى سيغتال كل براءة تمشى على الأرض باحثة عن اعلاء قيم الحق والعدل والخير والجمال .. كم فتاة تحرش بها محمد راجع والقى على مسامعها الفاظه البذيئة او حتى ربما تمادى اكثر من ذلك فى تحرشه وصمتت خوفا من الفضائح؟! كم جريمة اخلاقية ارتكبها وصمت عنها الجميع؟! كم فتى بريئا ضربه او أصابه وخاف أن ينطق فى مواجهة اجرامه، إنها الحقيقة المؤلمة
نحن من نحول بخرسنا المنحرف الصغير إلى مجرم كبير لا يجد من يردعه، نحن من نغرس الخوف ونصنع كل جبار فى قرانا ومدننا.. نعم القاتل وشركاؤه الٱن بين يدى الشرطة ، نعم خرجت الجموع حزينة وساد الغضب والحزن فى مصر كلها؛ لكن محمود مات .. دفع ثمن رجولته المبكرة وقيمه الراقية، فهل من ثمن لروحه الطاهرة التى دفعها دفاعا عن قيم اهدرناها، لو كانت اى فتاة او اى فتى او اى اسرة أصابها او أصاب احد ابنائها ضرر طفيف من هذا المجرم القاتل قد تقدمت ببلاغ ضده أو قامت بأى تصرف مجتمعى يردعه ، لو كانوا فعلوا ؛ما ماتت البراءة .. لو كانت البذاء والسقوط الاخلاقى لا يجدان من يصفق لهما بل يجدان من يتصدى لهما لصار كل من على شاكلة راجح منبوذا او خلف القضبان ولدفعت امه التى تسترت على جرائمه ورأته رجلا لا يعيبه شىء ثمن تفكيرها السقيم. نحن نصنعهم ثم نصرخ ونستجير وندفع ثمن افعالهم.. رحم الله محمود البنا شهيد المبادىء